أخرى - اليقين تعلق بأصله حقيقة وببقائه اعتبارا، وهو قد ارتفع وانحل بالشك فيه، فيصح النهى عنه بحسب البناء والعمل، وهذا بخلاف الشك في المقتضى حيث لا انحلال فيه لا حقيقة ولا مسامحة، فلا يصح النهى عن نقضه عملا، وحيث إن مورد الخبر لا ينطبق على قاعدة اليقين، فيتعين حمله على إرادة جعل الحجية للاستصحاب في موارد الشك في الرافع خاصة، هذا محصل كلامه بتوضيح منا.
وفيه: انه في مورد الشك في الرافع أيضا اليقين المتعلق بالحدوث، لا يكون متعلقا بالبقاء ولو اعتبار أو مسامحة، إذ المتيقن لم يحرز ان يكون من شأنه الاستمرار حتى بعد حدوث زماني يحتمل كونه غاية، أو احتمل حدوث ما هو غاية، ويكون حاله حال الشك في المقتضى من حيث المتيقن، وحل الاشكال ان العناية المصححة لاسناد النقض إليه، ليس الا اتحاد المتعلقين ذاتا، وعدم ملاحظة تعددهما زمانا، وهذا كاف في اضمحلال اليقين مسامحة وبنظر العرف وفى صحة اسناد النقض إليه، وفى ذلك لا فرق بين الموردين.
الرابع: ما ذكره بعض المحققين، وهو ان غاية ما يدل عليه الاخبار هو سلب العموم، لا عموم السلب فلا يستفاد منها عدم جواز نقض كل فرد من افراد اليقين بالشك، بل أقصى ما يستفاد منها هو عدم جواز نقض مجموع افراد اليقين بالشك وهذا لا ينافي جواز نقض بعض الافراد، والمتيقن هو الشك في الرافع.
وفيه: انه لو كان العموم مستفادا من لفظ (كل) و (أجمع) ونحو ذلك وكان النفي أو النهى واردا على العموم لكان لدعوى سلب العموم مجال، بل قد يدعى ظهوره في ذلك كما في مثل لا تكرم كل فاسق.
ولكن فيما إذا كان العموم مستفادا من النفي أو النهى الوارد على الطبيعة حيث إن عدم الطبيعة يتوقف عقلا على عدم جميع افرادها فلا مجال لتوهم كونه من قبيل سلب العموم فان العموم حينئذ متأخر رتبة عن ورود الحكم، بل هو من قبيل عموم السلب قطعا، والمقام من قبيل الثاني كما هو واضح ثم انه بعد ما عرف من عدم تمامية شئ مما استدل به على اختصاص الروايات بالشك في الرافع، وان مقتضى اطلاقها حجية الاستصحاب في الشك في المقتضى أيضا،