وفيه: ان العناوين المحكومة بالحسن أو القبح على قسمين. أحدهما: ما كان بنفسه مع قطع النظر عن جميع ما يترتب عليه من العناوين محكوما بأحدهما، كعنوان الظلم والعدل وهذا هو الذي يعبر عنه تارة بالذاتي، وأخرى بالضروري. الثاني: ما يكون محكوما به من حيث اندراجه تحت عنوان محكوم به ذاتا كالمشي إلى السوق إذا كان تصرفا في ملك الغير مثلا. وهو الذي يعبر عنه بالعرضي المنتهى إلى الذاتي، والنظري المنتهى إلى الضروري، وعليه، فما يكون موضوعا للحكم العقلي في القسم الثاني ليس هو ذات الفعل بل ذاك العنوان المنطبق عليه، فالمحكوم بالقبح في المثال الذي ذكره الشيخ الأعظم (ره)، هو عنوان الضار لا الصدق الضار، وعليه فبما انه من مقدمات استدلال الشيخ (ره) ان مقتضى الملازمة، تعلق الحكم الشرعي بنفس ما تعلق به الحكم العقلي وهو عنوان الضار فمع انتفاء، هذا العنوان ينتفى الموضوع فلا مورد لاستصحاب الحكم، ولا يكون نظير المثال المفروض، إذ في المثال المأخوذ في لسان الدليل موضوعا هو الماء المتغير، وكان الأولى تنظيره بما لو علم حرمة حفر البئر لكونه موجبا لاضرار الجار، وتغير هذا العنوان، ولم يكن في الزمان اللاحق الحفر ضرريا فهل يتوهم جريان استصحاب الحرمة.
الايراد الثاني: ما افاده المحقق الخراساني (ره) وهو انه لعدم إحاطة العقل بالواقعيات، يمكن ان يكون مع الملاك الذي استكشفه العقل ملاك آخر، لا يكون لتلك الخصوصية دخل فيه، وعليه فيحتمل بقاء الحكم الشرعي فيستصحب ذلك.
وفيه: ان للعقل حكمين. أحدهما: دركه المصالح والمفاسد فإنه بناءا على مذهب العدلية من تبعية الاحكام لها يستكشف العقل من وجود المصلحة غير المزاحمة بالمفسدة، جعل الوجوب، ومن المفسدة غير المزاحمة بالمصلحة جعل الحرمة. ثانيهما:
حكمه بالحسن والقبح العقليين الذي هو محل الخلاف بين الامامية والمعتزلة وبين الأشاعرة حيث إن الأشاعرة منكرون له، وهما قد أثبتاه، ويعبر عنه في الاصطلاح بالعقلي العملي، أي الحكم العقلي المربوط بالنظام في قبال الحكم العقلي النظري، وهو دركه للواقعيات، واشكال المحقق الخراساني يرد على فرض كون مراد الشيخ (ره) من الحكم