العقلي هو الأول.
واما على فرض كون مراده هو الثاني فلا يتم: فان الملاك الذي حكم العقل بحسنه أو قبحه موضوع لحكم الشارع، والملاك المحتمل وجوده في غير ذلك العنوان مستلزم لجعل الحكم على غيره، فالمتيقن غير المشكوك فيه، مثلا إذا استكشف العقل ان الكذب الضار قبيح، يوجب ذلك جعل الحكم لعنوان الضار فلو احتملنا وجود ملاك آخر في مطلق الكذب، فبما ان ذلك الملاك مستلزم لجعل الحرمة على عنوان الكذب - لا الضار - فالمتيقن حرمة الضار، والمشكوك فيه حرمة الكذب فبعد تبدل عنوان الضار لا مورد للاستصحاب.
الثالث: ما افاده المحقق النائيني (ره) وهو انه بما ان العقل غير محيط بالواقعيات، يحتمل ان لا يكون لتلك الخصوصية، دخل في ذلك الملاك الذي استكشفه العقل واقعا واخذها فيه بمعنى حكم العقل بحسن شئ أو قبحه مع تلك الخصوصية باعتبار كونه القدر المتيقن في ذلك، فمع فرض الشك في بقاء الحكم العقلي، مع انتفاء تلك الخصوصية لا محالة يشك في بقاء الحكم الشرعي فيستصحب.
وفيه: ما عرفت من أن العناوين المحكومة بأحكام عقلية اما ذاتية أو منتهية إلى الذاتية - وبعبارة أخرى - اما ضرورية أو منتهية إليها، وعليه، فلا يكاد يستقل العقل بحسن شئ أو قبحه الا مع تبين الموضوع تفصيلا.
الرابع: ما ذكره المحقق العراقي (ره) وهو ان غاية ما يدل عليه هذا الوجه هو عدم تصور الشك من جهة الشك في قيدية شئ فيه، واما مع الشك في بقاء ما علم قيديته، فهو بمكان من الامكان كالشك في بقاء الصدق على مضريته ففي هذه الصورة يجرى الاستصحاب.
وفيه: انه ان أريد استصحاب الحكم فلا يمكن للشك في بقاء موضوعه وان أريد استصحاب الموضوع، فهو استصحاب تعليقي في الموضوع الذي لم يلتزم أحد بجريانه حتى القائلين بجريانه في الاحكام: فإنه لابد وان يقال، هذا الصدق لو كان متحققا في الزمان السابق كان متصفا بالضارية فالآن كما كان.