النقض حقيقة، من غير فرق بين، إرادة اليقين، أو المتيقن، أو آثار اليقين. اما الأول: فلان اليقين بالحدوث لبقائه لا معنى للنهي عن نقضه لكونه طلبا للحاصل، وطلب تحصيل اليقين بالبقاء ليس طلبا لابقاء اليقين بل يكون طلب ايجاد فرد آخر، واما الثاني: فلان المتيقن ان كان حكما شرعيا فابقائه وعدمه ليس تحت اختيار المكلف بل امره بيد الشارع، وان كان من الموضوعات، فهو اما ان يكون باقيا فطلبه طلب تحصيل الحاصل، واما ان يكون زايلا فطلبه ليس طلبا للابقاء بل طلب لإعادة المعدوم وبذلك ظهر ما في إرادة الثالث.
فما افاده الشيخ الأعظم (ره) بقوله ان النقض الاختياري القابل لورود النهى عليه لا يتعلق بنفس اليقين على كل تقدير، بل المراد نقض ما كان على يقين منه، وهو الطهارة السابقة أو احكام اليقين.
غير تام: إذ كما أن النقض المذكور لا يتعلق باليقين كذلك لا يتعلق بالمتيقن ولا بأحكام اليقين.
فلا محالة يكون المراد النهى عن النقض بناءا وعملا، وحيث لا شبهة في عدم كونه نهيا تحريميا نفسيا لعدم وجوب العمل على طبق اليقين السابق في باب المستحبات والمكروهات والمباحات، مع جريان الاستصحاب فيها، فلا محالة يكون ارشاديا.
وعليه فهل هو ارشاد إلى جعل الطريقية لليقين السابق في زمان الشك، أو إلى جعل المماثل للمتيقن أو لحكمه بعنوان ابقاء الكاشف، أو إلى منجزية اليقين السابق ومعذريته شرعا لاثبات الحكم في الزمان اللاحق، أو يكون ارشادا إلى اثبات حكم شرعي بالجري العملي على طبق الحالة السابقة المتيقنة في ظرف الشك، وجوه وأقوال.
ولكن الأول ينافيه ظاهر الكلام، إذ لازم الطريقية الغاء احتمال الخلاف وعدم الشك، فلا يناسب فرض الشك في الموضوع، والثاني خلاف الظاهر فان ظاهر القضية، ترتب الحكم على اليقين نفسه دون المتيقن، فيدور الامر بين الأخيرين.
أوجههما الثاني لما عن المحقق النائيني، من أن اليقين بشئ حيث إنه يقتضى الجري العملي على طبقه بما انه طريق إلى المتيقن، فيكون مفاد النهى عن نقضه، ابقاء المتيقن السابق من حيث اقتضائه الجري العملي.