الموضوع، ربما يرى العرف اتحاد الموضوعين نظرا إلى أن القيد الزائل من حالات الموضوع، لا من مقوماته كما في الماء المتغير إذا زال تغيره من قبل نفسه فان أهل العرف يرون التغير واسطة لعروض النجاسة، على الماء نفسه، وهو باق بعد زوال التغير، وربما يراه العرف تمام الموضوع، أو من مقوماته بحيث يرون الموجود مغايرا لما كان، كما في الاقتداء بالعادل فإنه إذا زالت عدالته من جهة ان العرف يرون العدالة من مقومات الموضوع، فالموجود وهو الفاسق غير ما كان، وهو العادل، فلا يجرى الاستصحاب، وربما يشكون في ذلك، كما إذا كان الشخص في أول الوقت مسافرا ثم صار حاضرا، فإنه يشك في كون السفر المأخوذ موضوعا لوجوب القصر من مقومات الموضوع أو من حالاته، وفى مثل ذلك أيضا لا يجرى الاستصحاب، لان التمسك بدليله من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية هذا كله فيما إذا كان الدليل نقليا.
وأما إذا كان المدرك له هو الحكم العقلي فكل قيد اخذ في الموضوع يكون مقوما، وهذا يظهر ببيان أمرين، الأول: ان العقل إذا استقل بحكم لا يعقل فيه الاهمال كما هو الشأن في ساير الصفات والافعال النفسانية من قبيل الحب، فان رأى قيدا دخيلا في حكمه واخذه في موضوعه، يكون ذلك من مقومات الموضوع عنده وبانتفائه ينتفى الحكم العقلي قطعا، ولا يحتمل بقائه لعدم معقولية الترديد للحاكم في حكمه، الثاني:
ان الحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي لتبعيته له يكون كل قيد من القيود المأخوذة في الحكم العقلي، من مقومات موضوعه فإذا تبدل قيد يرتفع الحكم الشرعي لتبدل الموضوع، وانعدامه فلا يجرى الاستصحاب.
وأورد عليه بايرادات الأول: ما عن العلمين الخراساني والنائيني (ره)، وهو ايراد على الامر الثاني، وحاصله، ان الحكم العقلي ليس علة للحكم الشرعي، بل هو انما يكون كاشفا عن الملاك الذي هو العلة لجعل الحكم الشرعي - وبعبارة أخرى - الملازمة انما تكون في مقام الاثبات، دون مقام الثبوت، فإذا ارتفع قيد من قيود الحكم العقلي يرتفع حكم العقل قطعا فينتفى الكاشف، ولكن من المحتمل بقاء المنكشف وبتبعه بقاء الحكم الشرعي، وعليه فلا مانع من جريان الاستصحاب.