- وبعبارة أخرى - ان قوله (ع) (حتى تعلم أنه قذر) وكذا قوله (ع) (حتى تعلم أنه حرام بعينه اما ان يكون قيدا، للموضوع، أو يكون قيدا للمحمول، ومفاده على الأول جعل الحكم الظاهري، وعلى الثاني جعل الحكم الواقعي، وعلى التقديرين لا يدل على الاستصحاب.
وبما ذكرناه ظهر ضعف القول الثاني، الذي اختاره المحقق الخراساني.
كما أنه ظهر ضعف ما نسب إلى صاحب الفصول، وهو كون الاخبار في مقام جعل القاعدة والاستصحاب معا.
ويرد عليه مضافا إلى ما مر: انه لا يعقل الجمع بينهما، إذ الشك في الحكم الظاهري لا يتصور، وهو اما مقطوع البقاء أو مقطوع الارتفاع، لان موضوعه الشك وهو حالة نفسانية للانسان وهو على نفسه بصير، فاما ان يكون الشك باقيا فالحكم باق قطعا، وان لم يكن باقيا يرتفع كذلك، فلا يتصور الشك فيه كي يستصحب، ونظير ذلك ما ذكروه من عدم صحة جريان الاستصحاب في قاعدة الاشتغال.
كما أنه ظهر ضعف الأخير. فيدور الامر بين إرادة الاستصحاب منها، أو الحكم الواقعي، أو القاعدة.
اما وجه استفادة الاستصحاب منها فامران. أحدهما: انها تدل على استمرار الطهارة أو الحلية الثابتة إلى زمان العلم بالضد أو النقيض وقد مر ما فيه. وحاصله، ان ثبوت استمرار امر غير ثبوته مستندا إلى ثبوته في الزمان السابق، والاستصحاب هو الثاني، ومفاد النصوص هو الأول.
الثاني: ما افاده الشيخ الأعظم (ره) في الرسائل في خصوص الماء كله طاهر، من جهة ان الماء طاهر بالأصالة، ونجاسته انما تكون لعارض خارجي، والخبر انما يدل على استمرار الطهارة المفروض ثبوتها وليس الاستصحاب الا ذلك.
وفيه: ان غاية ما يلزم من مفروغية طهارة الماء، انما هو الحكم باستمرارها في مورد الثبوت سابقا، وهذا ليس استصحابا، بل هو عبارة عن الحكم بالاستمرار استنادا إلى ثبوته سابقا، وعلى الجملة ليس في شئ من الروايات الحكم باستمرار ما ثبت لثبوته سابقا فليس مفادها الاستصحاب.