غير أنه لا يكون منصوبا، ولذلك قال الشهيد الثاني في المسالك انه مختص بزمان الحضور ولا معنى له في زمان الغيبة فإنه ان لم يكن مجتهدا لا يكون قاضيا ولو للتحكيم، وان كان مجتهدا فهو منصوب وحيث إن صدر المقبولة في مقام نصب المجتهد قاضيا وحاكما فلا يمكن حمل ذيلها على قاضي التحكيم.
والحق ان يجاب عنه بان كون الاختيار بيد المدعى انما يكون مدركه الاجماع، والمتيقن منه الشبهة الموضوعية، واما في مورد الشبهة الحكمية كما في مورد المقبولة فلا دليل عليه.
مع، ان المقبولة قابلة للحمل على صورة التداعي، أضف إلى ذلك، ان المفروض في المقبولة كون تعيين الحاكمين مع رضايتهما معا، لا بان يختار كل منهما غير ما يختاره الآخر فلاحظها.
ويمكن ان يقال انه لما كان منشأ النزاع في موردها الشبهة في حكم المسألة كما لا يخفى، وهي لا ترتفع بالحكومة، أمرهما (ع) بالنظر في أدلة الواقعة، واستفادة حكمها منها كي يرتفع النزاع.
الثالث: ما افاده المحقق اليزدي (ره) وهو ان الترجيحات المذكورة في المقبولة والمرفوعة غير موافقة الكتاب، ومخالفة العامة، كالشهرة، وصفات الراوي، فيمكن ان يقال بعدم دلالتهما على الترجيح بما ذكر في صورة التعارض: إذ صفات الراوي المذكورة في المقبولة، فهي في مقام تقديم حكم أحد الحكمين في مقام رفع الخصومة، واما في المرفوعة، فان الظاهر بقرينة سؤال السائل بعد ذلك هما عدلان مرضيان، انه ليس المراد من الأعدل من كان هذا الوصف فيه أكثر وأشد بعد اشتراكهما في أصل الصفة، بل المراد منها من كان عادلا، فهو من قبيل أولوا الأرحام، وحاصله يرجع إلى وجوب الاخذ بخبر العادل لكونه حجة وطرح الآخر لكونه غير حجة، واما الشهرة فالظاهر بقرينة التعليل في المقبولة، بان المجمع عليه لا ريب فيه: ان الترجيح بها ليس من الترجيحات الظنية التي تعبدنا الشارع بها، بل تقديم المشهور، انما يكون من جهة انه مقطوع به وان غيره مقطوع الخلاف.