ولكن المرفوعة قد عرفت انها ضعيفة سندا، ولا مثبت لاستناد الأصحاب إليها في الالتزام بهذا المرجح بعد ما تقدم من أنه لم ينقلها أحد قبل الشيخ الأحسائي حتى مثل العلامة (ره).
واما المقبولة فهي وان اعتبر سندها كما مر، الا ان الترجيح بها فيها انما هو لتقديم حكم أحد الحاكمين على الآخر لا الترجيح بها لتقديم إحدى الروايتين، لأنه في صدر المقبولة بعد فرض السائل اختلاف الحكمين قال (ع) الحكم ما حكم به أعدلهما الخ وهذا صريح في أن ذلك بصدد بيان المرجح لتقديم حكم أحد الحاكمين ويشهد به أيضا قوله بعد ذلك فقلت فإنهما عدلان مرضيان فقال (ع) ينظر إلى ما كان من روايتهم فإنه صريح في كونه بعد الترجيح بالصفات بصدد بيان ما هو المرجح لإحدى الروايتين على الأخرى، ولذلك قلنا انها دالة على أن أول المرجحات الشهرة فيكون مفاد المقبولة بالنسبة إلى الترجيح بالصفات مفاد خبر موسى بن أكيل (1) وخبر داود بن الحصين (2) المتضمنين لترجيح حكم أحد القاضيين بها الذين لم يحتمل أحد دلالتهما على الترجيح بها لتقديم إحدى الروايتين على الأخرى. وقد نسب إلى المحقق النائيني (ره) انه وان جعلت الصفات فيها مرجحة للاخذ بحكم أحد الحاكمين، الا انه يمكن ان يستفاد منها من باب تنقيح المناط كونها مرجحة لإحدى الروايتين على الأخرى لأنه لما كان منشأ اختلاف الحكمين هو اختلاف الروايتين، فيستفاد من ذلك أن المناط في ترجيح أحد الحكمين على الآخر بالصفات، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشأ الحكم، وهو الرواية.
ويرد عليه انه مع عدم احراز المناط كيف يحكم بالتعدي، مع أن الأفقهية التي جعلت مرجحة، لا دخل لها في نقل الحديث أصلا، وانما تناسب ترجيح الحاكم من حيث هو، ومن الغريب انه (قده) بعد أسطر يصرح بان أول المرجحات الشهرة لا الصفات لأنها جعلت في المقبولة أول المرجحات