ما قبله من المرجحات فلم يذكر فيها هذا القيد، ومعلوم انه لو ذكر مطلقات وذكر في الأخير منها قيد يرجع ذلك إلى الأخير دون الجميع، وقد مر في مباحث العام والخاص ان الجمل المتعقبة بالاستثناء يكون ذلك استثناءا عن الجملة الأخيرة فراجع.
الخامس: ما هو مختص بالمقبولة: وهو ان المقبولة واردة في القاضيين الذين حكم كل منهما بخلاف الآخر، ومن المعلوم انه لا معنى للتخيير في ذلك الباب، لعدم قطع الخصومة والنزاع به، فلا محيص عن الترجيح، ولذا في آخره حكم (ع) بالتوقف، فلا يصح التعدي عن موردها إلى الخبرين المتعارضين الذين لا مانع فيهما من الالتزام بالتخيير.
وفيه: ان صدر الرواية في مقام بيان ما يرجح به أحد القاضيين ويعمل بحكمه ويترك الآخر، وبعد ما فرضهما الراوي متساويين في الصفات المرجحة، امر (ع) بالرجوع إلى مستندهما أي الرواية فاخذ في بيان ما يرجح به إحدى الروايتين على الأخرى، وذكر الشهرة أول تلك المرجحات.
لا يقال ان الشهرة المذكورة فيها من مرجحات أحد الحكمين الذي حكم بهما القاضيان، لا من مرجحات الرواية، لأنه (ع) فرع على ما إذا كان أحدهما مشهورا بقوله فيؤخذ به من حكمهما.
فإنه يقال ان عبارة الرسائل وان كانت كما ذكر، ولكن ما في كتب الحديث هكذا، فيؤخذ به من حكمنا.
وبما ذكرناه تنحل العويصة التي أشكلت على الشيخ الأعظم (ره)، وهي ان ظاهر الرواية تقديم الترجيح بصفات الراوي على الشهرة، مع أن بناء الأصحاب على تقديم الترجيح بالشهرة، على الترجيح بالصفات: لما عرفت من أن أول مرجحات الرواية فيها هي الشهرة، والصفات مرجحات حكم الحكمين.
فان قيل فما منشأ الترجيح بالصفات بعد الشهرة الذي عليه بناء الأصحاب، قلنا ان وجهه مرفوعة زرارة المنجبرة بعمل الأصحاب على ما توهم.
فان قيل فلم يذكر الصفات في المقبولة، قلنا لعل وجهه ان الروايتين