أقول: قد تحرر منا حل هذه المشكلة في ديباجة مبحث حجية الخبر الواحد بما لا مزيد عليه (1)، وأنه لو كانت أدلة عدم حجية الخبر الواحد تامة، لكانت أخبار الكتب الأربعة خارجة عنها، خصوصا وأن تلقيها بالقبول - إلا ما قام عليه شواهد الكذب - كان من الضروري من بدو التأليف وقبله إلى عصرنا، فلا ينبغي الخلط بين النقيات الثياب والأرجاس.
وإن شئت قلت: مشكلة ابن قبة مشتركة بين الطرق والأمارات والأصول، ولا معنى لعدها من الدليل العقلي على عدم حجية الخبر الواحد، فعليه إما تكون أدلة عدم حجيته ثلاثة، أو لا بد من تقريب دليل عقلي لخصوص هذه المسألة.
ونقول: إنه كما يمتنع جعل الكاشفية والحجية للخبر المعلوم الكذب تفصيلا، كذلك يمتنع ذلك للأخبار المعلوم إجمالا كذب طائفة منها، كالأخبار الموجودة بين أيدينا.
نعم، إنما يمتنع جعل الكاشفية للمعلوم بالتفصيل، وللمقدار المعلوم بالإجمال بالذات، ولجميع الأخبار، للزوم اللغوية، ضرورة أن المعلوم كذبه غير متبين عندنا، فاعتبار الحجية للكل غير جائز، لما لا يترتب الأثر المقصود من الحجية بالنسبة إلى غير المعلوم كذبه بعد كونه مخلوطا بالأكاذيب.
وبالجملة: حجية خبر الواحد مما لا بأس بها على نعت القضية الكلية، ولكن حجية ما بين أيدينا غير معقولة.
أقول: هذا هو من الإشكالات المنتهية إلى لزوم الاحتياط، وإذا امتنع الاحتياط فلا بد من حجية الظن، وسيمر عليك في محله كيفية انحلال العلم الاجمالي المزبور (2)، وقد أشرنا إلى وجهه فيما أشير إليه آنفا.