وأما الناحية الثانية فالحق: أن حديث حجية الخبر الواحد، لا يرجع إلى الأدلة اللفظية حتى يتمسك بالعام، ثم يلاحظ المخصص اللبي وغير ذلك، ولا إلى البناء على خروج الإخبار عن حدس، ودخول الإخبار مما يقرب من الحس ولو كان حدسا، بل المناط بناء العرف والعقلاء، وهو دليل لبي لا إطلاق له، ولو شك في مورد فلا شاهد على وجوب الأخذ فيه بدليل لفظي إطلاقا أو عموما، منطوقا أو مفهوما.
ومن هنا يظهر إمكان الالتزام بحجية الإخبار عن الحدس المحض، فيما كان بناء القوم على الحدس، كما في مسألة الخرص من غير حاجة إلى النص، وحديث كثرة الخطأ وقلته، ليس من العلل الدائر مدارها الحجية، حتى يلزم الشك في حجية الإخبار عن الحس أحيانا فيما يكثر فيه الخطأ، أو يلزم منه حجية حدس من يقل خطأه في الحدس، بل ذلك من الحكم والعلل العقلائية المنتهية أحيانا إلى الشك في بناء العقلاء، كما لا يخفى.
وأما ذيل آية النبأ، فيأتي تحقيقه من ذي قبل إن شاء الله تعالى، ويظهر أن الآية أجنبية عن مسألتنا (1).
ثم إن ناقل الاجماع بناء على ما سلكناه، يكون ناقل الموضوع، وحجية الخبر الواحد في باب الموضوعات عند المحققين، محل المناقشة والإشكال (2).
ولكن الحق عدم قصور في أدلة حجية الخبر الواحد، المنحصرة في بناء العقلاء، وما يرتبط بهم أحيانا، ويؤيد حالهم في هذه السيرة عن إثبات حجيته في الموضوعات، ولا سيما في المقام، وعلى هذا يمكن أن يقال: بأن الاجماع بالنقل يثبت مثلا، وإذا ثبت موضوعه يصح أن يقال: " هو حجة ولا ريب فيه " نظرا إلى