اللهم إلا أن يقال: بأن عدم تعرضه (عليه السلام) للإشارة إلى تحريفه في جمع عثمان، أو الجمع الأسبق، كان لجهة أمر أهم، فإن في ذلك تضييعا للحق الثابت له في غدير خم، ولو كان يقول بدلالة الكتاب وآياته، لكان فيه فرصة لأعدائه حتى يسلوا سيوفهم عليه، كما سلوا لعنهم الله تعالى لعنا وبيلا، وعذبهم عذابا شديدا.
ولكن بعد اللتيا والتي، عدم التحريف مورد الاطمئنان والوثوق، فتكون الظواهر حجة.
إن قلت: سد باب احتمال النقيصة لا يكفي، لأن تبادل الآيات بحسب المواضع والسور، يضر بالظهور أيضا.
قلت: أولا: لنا دعوى أن القرآن نزل جملة، ونزل نجوما، والنزول الأول على هذه الكيفية الموجودة. ولكنها غير تامة، كما تحرر منا في كتابنا " التفسير الكبير " ناسخ التفاسير (1).
وثانيا: إن المهم الوثوق بعدم تحريف الآيات ولو كانت السور غير منظمة على النظام الإلهي، وهذا أمر لا يبعد بعد الرجوع إلى الكتب الموجودة بين أيدينا، والصحائف الحاضرة من مصاحف مختلفة، كمصحف علي (عليه السلام) ومصحف ابن عباس، وابن مسعود وغيرها.
وعلى كل تقدير: انتفاء هذا التحريف، أقوى من انتفاء التحريف بالنقيصة، وعندئذ تكون آيات سورة البقرة وسورة كذا وكذا، مستقرة الظهور، واحتمال القرائن المنفصلة مدفوع، والعلم بالنقيصة لا تثبت به صلاحية النقيصة لقرينية الموجود بين أيدينا.
وإن شئت قلت: لا نحتاج في الاستدلال بالقرآن الموجود إلى إثبات عدم النقيصة، لأن النقصان لا بد وأن يرجع إلى نقصان سورة، لا آية من السور الموجودة،