اللفظية على حجية الكتاب، حتى تكون هي المرجع بإطلاقها عند الشك.
أقول: قد تبين فيما مضى أن الخلط بين صلاحية الكلام للاحتجاج، وبين صلاحية الكلام للإفتاء، غير صحيح (1)، فإن صحة نسبة المضمون والإفتاء مشكلة، ولكن جواز القعود في قبال الكلام التام الظاهر الواصل - في قبال احتمال كون إحدى الآيات الضائعة وغير المحفوظة صالحة للقرينية على خلاف هذا الظاهر - ممنوع.
وبعبارة أخرى: تارة نعلم بأن في ذيل آية الوفاء بالعقود (2)، آية محذوفة، ولا نعلم ذلك، فإن حجية آية الوفاء ممنوعة.
وأخرى نعلم: بأن في القرآن كانت آيات وسورة غير واصلة إلينا، وربما كان منها ما في ذيل الآية المذكورة، فإن الكلام لا يسقط عن الصلاحية للاحتجاج، فلو كان مفاده ومضمونه مرادا، فهل ترى من نفسك أن العقاب عقاب بلا بيان؟! ولو كان المكلف يمتثل مضمونه، ثم تبين خلافه، فهل ترى من نفسك جواز عقاب المولى، بدعوى أن العقاب مع البيان، لأن المكلف العالم بعدم وصول القرائن، قد ارتكب ما تصح العقوبة عليه؟! كلا، ثم كلا.
وهذا العلم الاجمالي ولو لم يكن موجودا بالنسبة إلى الكتاب، ولكنه موجود بالنسبة إلى الأخبار بالضرورة، مع أن الضرورة قاضية بعدم جواز القعود، بل وبجواز الإفتاء، ضرورة أن احتمال وجود القرينة المتصلة، مدفوع بأصالة عدم النقيصة، وهذا لا ينافي العلم الاجمالي بعدم وصول القرائن، لاحتمال كونها منفصلة، فليتأمل جيدا.
ويمكن دعوى: أن المفتي من أول الفقه إلى آخره، يعلم إجمالا بعدم تمامية بعض فتاويه، لما فيه من تلك القرائن، وأما المراجع إلى الأخبار بالنسبة إلى موارد