فإنه يعلم منها: أن المتشابهات مستمسك أهل الفتنة، دون أهل الفهم والعلم والمعارف والمحققين مثلا، وبقية الكلام في محل آخر. وهذا لا ينافي الحاجة في المتشابه وغيره إلى أئمة الحق عليهم صلوات الله، لأن القرآن ذو مراتب عالية.
وثانيا: أن التمسك بوجود المتشابه أخذا بالظاهر، غير جائز، لاحتمال كونه من المتشابه، فلا بد من وجود جماعة من الآيات مجملة، كما لا يخفى.
وثالثا: أن وجود المجملات يضر فيما مر أخيرا في التحريف، وفي صورة العلم التفصيلي بكونها من المتصل بالآيات المبينة يقينا تفصيليا، أو إجماليا على الوجه المحرر آنفا.
وبالجملة: إن وجود طائفة من الآيات مجملة، معناه ليس الاجمال بحسب المفاهيم اللغوية والاستعمال، لأن الاجمال صفة الكلام، وهي لا تحصل بالتعبد وبالرواية، لأنه أمر خارج عن قدرة التشريع، فعليه يكون المقصود من " الاجمال " عدم إمكان كشف المراد، وهذا لا يمكن إلا بدعوى التحريف على الوجهين المزبورين، وقد مر فساده، فلا تخلط.
رابعا: لو كان وجود العلم بالنقيصة فيما مر في مسألة التحريف، ووجود العلم الاجمالي بالمجملات مضرا، لكان ذلك مضرا بالأحاديث أيضا، فتسقط الأحاديث كلها عن الحجية، ولا سيما بعد ورود أنها " صعب مستصعب " وأنها مثل الآيات من هذه الجهة، فلا تخلط.
وأما دعوى العلم الاجمالي بوجود المخصصات والمقيدات، فهي واضحة سريانها في الأخبار، وأنها لا تضر بالحجية.
وأما توهم: أن العلم الاجمالي المزبور يوجب الفحص، لا سقوط الحجية، كما في كلام جمع من الأصوليين (1)، فهو فاسد، لأن الفحص لازم ولو لم نعلم إجمالا