الواقع نكتة وحكمة الحجية، وليست الحجية دائرة مدارها (1)، ولأجل ذلك اختاروا حجيتها حتى في صورة الظن الشخصي المخالف، وسيأتي دليلها ووجهها عند التعرض لذات المسألة (2).
الثاني: ما قويناه في الأزمنة الأولى، وقد ذكرناه هنا، وأن الحجية مخصوصة بالوثوق والاطمئنان الحاصل من تلك الأسباب، ولو لم يحصل عقيب قيام الظهور والخبر الموثوق به، وثوق وعلم عادي، فلا بد له من منشأ، فإن كان منشأه الأمر العقلائي فهو ليس بحجة. وإن كان منشأه غير عقلائي، فلا يعتنى به، ويلحق بالآخرين بحكم العقلاء.
فلو قام ظهور على أمر، مع اقترانه بما يصلح للقرينية عند العقلاء، فلا حجية، وفي غير هذه الصورة تكون الصورة العلمية الحاصلة من هذه الأسباب حجة، وهي تحصل عادة كحصول القطع وراء الإبصار والاستماع وغير ذلك، وقليلا ما لا يحصل القطع للإنسان، باحتمال الخطأ في الباصرة والسامعة.
نعم، للشرع جعل الحجية لذات الظهور ولخبر الثقة على الإطلاق، فإن ثبت ذلك فهو المتبع، كما له الردع عن حجية الوثوق الحاصل من السبب الخاص، كظهور الكتاب وغيره.
الثالث: أن حجية الأمارات العقلائية والظنون الخاصة، ليست دائرة مدار الوثوق، ولا مرهونة بالكاشفية الغالبية والإصابة الأكثرية، الموجبة للوثوق النوعي والاطمئنان الأكثري، بل هي عبارة عن بناءات عقلائية محضة، والتزامات عرفية فقط، فلو كان في أول حدوث هذه البناءات وجه للحجية، أو كانت الحجية لأجل الملازمة الكلية بين حصول الوثوق الشخصي وبين هذه الأمارات، ولكن في عصرنا