مشاحة فيه.
والذي هو يهمنا إثبات أن مسألة حجية الظواهر وإخبار الثقة، مما لا ترجع إلى محصل في الواقع، وأن ما هو الحجة واقعا هي المعاني الحاصلة منها، المغفول عنها في محيط العرف والعقلاء.
فتوهم: أن إثبات حجية هذه الأمور، معناه حجيتها سواء حصل منها الوثوق، أم لا، أو إثبات حجيتها ولو حصل منها الظن بالخلاف، أو حصل الظن بالخلاف من أمر آخر، غير راجع إلى محصل، أو غير مناف لما ذكرناه، كما هو الواضح، ضرورة أن دعوانا عدم حصول الشك ولا الظن بالخلاف، بل يحصل منها الوثوق والعلم العادي طبعا، ومن لم يحصل له ذلك فإما يكون لمنشأ عقلائي مصدق عند العقلاء، فلنا إنكار حجيتها، ومن يدعيه مجازف في القول، لعدم إطلاق يقتضيها.
وإما لا يكون له المنشأ، فلا يكون من العقلاء، ويلحق بهم في لزوم التبعية لهم في هذه الصورة، فتصير النتيجة واحدة، فافهم واغتنم.
فما اشتهر بين أبناء العصر: من حجية هذه الأمور، لأجل الكشف النوعي الغالبي، وللإصابة الأكثرية (1)، يرجع إلى تعبد من العقلاء بهذه القاعدة، وإلى تدين من غير المتدينين بأمر وراء الأمور العقلائية، وهذا من الأمور غير الواقعية، وقد أوضحناه فيما توهموه أصلا عقلائيا، فإن الأصول العقلائية اختراعات مدرسية تحميلية عليهم، وما هو الموجود عندهم ليس إلا العلم والوثوق بالواقع ونفس الأمر.
فتحصل: أن تبويب هذا المقصد إلى أبواب، وتقسيم الظنون الخاصة إلى أقسام، والبحث عن كل قسم على حدة، من الغفلة عن حقيقة الأمر، وأن الاطمئنان