يحمل التكاليف الفعلية على كافة الأنام، ولو كان الأفراد والآحاد عاجزين ما داموا، وجاهلين ما عاشوا، اتضحت مادة المغالطة والغائلة، وأن الاشتراك ممكن، وتواتر الأخبار والإجماع على الاشتراك، ليس على ما لا يعقل ثبوتا، بل هو على ما يعقل، وواقع إثباتا بمراجعة القوانين العرفية في مختلف الميادين، وتفصيله في محله (1)، ولا نعيده، حذرا من الإطالة الواضحة.
فتحصل: أن هنا إشكالا في تصوير اشتراك جميع الطوائف في التكاليف، ومجرد الاجماع والأخبار لا يكفي، ولذلك التزم المتأخرون في باب العاجزين بخروجهم، وأن خطاب العاجز قبيح (2)، وأردفنا العاجزين بالجاهلين، لأن خطاب الجاهل ممتنع، لأنه غافل، وقد أقروا بامتناع خطاب الغافل، للزوم الخلف (3). وقد حلت المعضلة على نهج واحد، ببيان واف وشاف في محله (4).
إذا تبينت هذه المقدمة الوجيزة، يظهر حل الغائلة فيما نحن فيه، فإن الشرع والمقنن، إن كان يترشح منه الرضا والإمضاء في باب الأمارات والطرق، وما يشبهها - كالأصول المحرزة، والأمارة التأسيسية - أحيانا بالنسبة إلى خصوص صورة الخطأ، وكان ينحل قانون إمضاء الطرق والأمارات وتلك الأصول، إلى الأحكام الطريقية الشخصية، ينقدح الإشكال: بأنه كيف يمكن أن يرتضي المولى بتطرق خبر الواحد الخاطئ بالنسبة إلى زيد، مع علمه بأن زيدا محكوم بوجوب صلاة الجمعة، فهل يعقل وجود تلك الإرادة الإلزامية الوجوبية، مع الارتضاء وإمضاء سلوكه ذلك الطريق المخطئ؟! فإن انحلال هذا القانون إلى الإمضاءات والارتضاءات الجزئية