محرز، أو غير محرز، ضرورة أن الشرع يصح أن يأخذ العباد على مقتضى الاستصحاب، وأن التكليف يتنجز به سواء أجرى في نفسه، أو في قيده وشرطه، فلو شك في بقاء التكليف الكذائي، وكان متيقنا، فلا بد من القيام بوظيفته، لأنه كما يتنجز بالعلم ذلك التكليف، كذلك يتنجز بالاستصحاب.
نعم، لو كانت حاله حال أصالتي الحل والطهارة، حتى يكون المجعول أمرا آخر في ظرف الشك، فلا يتنجز به ذلك التكليف المعلوم سابقا، لأن المنظور فيه ليس إلا جعل تكليف مماثل لما سبق، من غير نظر إليه رأسا، وسيظهر بعض الكلام حول أصالتي الحل والطهارة إن شاء الله تعالى (1).
وما في " تهذيب الأصول " من المناقشة في قيام الأمارات والأصول مقام القطع، من جهة أن معنى " النيابة والقيام مقامه " هو كون الأمارة مثلا فرع القطع (2)، في غير محله، لأن المقصود من هذه التعابير، بيان أن مقتضى أدلة الأمارات والأصول، عدم اختصاص الحكم المأخوذ في موضوعه القطع بالقطع الوجداني، بل هو أعم منه ومن الظنون الخاصة ولو كانت الظنون الخاصة والقطع في هذه المرحلة عرضيا، وبحسب التكوين واللب طوليا، فلا تخلط.
وأما القطع المأخوذ في الدليل موضوعا، فإن قلنا: بأن الاستصحاب أمارة إمضائية، أو أمارة تأسيسية كما هو الأظهر، وأن الأخبار ناطقة بأن " من كان على يقين فشك، فليمض على يقينه " (3) وأنه " على يقين من وضوئه " (4) فيكون في أفق الادعاء والاعتبار اليقين السابق موجودا، كما تكون حياة زيد باقية في ترتيب