وأنت خبير بأن الرواية الأولى لا دلالة لها على محل البحث، لأنها إنما تضمنت التفصيل بين بيع الدار دون حصة من الساحة وهي الطريق، وقد حكم عليه السلام بأن المشتري يسد بابه الشارع إلى المساحة ويفتح له بابا إلى الطريق، أو ينزل من فوق البيت لعدم استحقاقه المرور من تلك الساحة، حيث أنها غير داخلة في البيع، ولا شفعة هنا لعدم الشركة وبين بيع حصته من الساحة خاصة التي هي الممر، وللشركاء حينئذ الشفعة من حيث الشركة فيها، دون الدار، لأنه لم يبعها معها فلا شفعة فيها، وإن لم يبع حصته من تلك الطريق بعد بيعه الدار فله المجئ والسلوك فيها إلى أن ينتهي إلى ذلك الباب المسدود، ولا تعرض في الرواية لبيع الدار مع الطريق، كما هو موضوع المسألة.
وأما الثانية فهي صريحة في ذلك حيث قال: " وإن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة " وقد عد العلامة في التذكرة وغيره الرواية الأولى دليلا للمسألة المذكورة.
ويمكن أن يكون منشأ توهمهم ذلك حمل قوله فيها برواية الكافي " فإن أراد صاحب الطريق بيعه " على معنى بيع الطريق مع الدار، وهو غلط، فإن العبارة ظاهرة بل صريحة في كون البيع، إنما وقع على الطريق خاصة، وأصرح منها قوله في رواية الشيخ " وإن أراد شريكهم أن يبيع منقل قدميه فيهم أحق به " ويؤيده أيضا قوله بعد هذه العبارة " وإلا فهو طريقه " كما في الكافي وقوله " وإن أراد يجيئ " إلى آخره كما في رواية التهذيب، فإنه ظاهر في أنه قد باع الدار أولا.
وهذا الكلام في الطريق خاصة بعد بيعه الدار، وأنه إن باع حصته منها فللشريك فيها الشفعة، وإلا فالطريق له يجئ ويمضي منه إلى أن ينتهي إلى باب الدار المسدود، هذا ظاهر الخبرين كما هو رأي العين.
وقال في كتاب الفقه الرضوي (1) " فإذا كانت دار فيها دور وطريق أبوابها في عرصة واحدة، فباع رجل داره منها من رجل كان لصاحب الدار الأخرى شفعة،