فحملها على أحد الأمرين المذكور متعين، وليس بعد ذلك إلا طرحها وارجاعها إلى قائلها.
وهنا شئ ينبغي التنبيه عليه، وهو أن بعض الأصحاب كالمحقق في الشرايع نقل عن ابن الجنيد أن القول قول المرتهن ما لم يستغرق دعواه ثمن الرهن، والأكثر . منهم المحقق في النافع، عبروا بأن القول قوله ما لم يدع زيادة على ثمن الرهن، ومقتضى العبارة الأولى أنه مع الاستغراق الذي هو أعم من الإحاطة بثمن الرهن أو الزيادة عليه لا يقدم قوله، ومقتضى العبارة الثانية أنه لو ادعى ما يحيط بالرهن خاصة، فإنه يقدم قوله، والظاهر أن منشأ ذلك من عبارة ابن الجنيد المتقدمة، فإنه في صدر العبارة جعل غاية التصديق إحاطة الدعوى بالثمن، والغاية خارجة عن المغيا، فمفهومه أنه مع الإحاطة لا يصدق، ثم قال في آخر العبارة فإن زادت دعوى المرتهن على القيمة لا يقبل، ومفهومه أنه يقبل مع عدم الزيادة، فإن أحاط بالثمن فقد تعارض في كلامه مفهوم الغاية، ومفهوم الشرط، فاختلف النقل عنه لذلك.
والمفهوم من الرواية يوافق ما ذكره ابن الجنيد في صدر عبارته، حيث لم يتعرض في الرواية للزيادة، وكان مبنى الاختلاف أن المحقق في الشرايع نظر إلى اعتضاد صدر عبارة ابن الجنيد بالرواية، وبنى على خروج الغاية ولم يلتفت إلى مفهوم الشرط، فنقل عنه أنه يقبل قوله ما لم يستغرق دعواه الرهن، ومن حمله الاستغراق بالإحاطة بثمنه، والأكثر كأنهم غفلوا عن الرواية فرجحوا العمل بمفهوم الشرط، وحملوا مفهوم الغاية على أنه داخل هنا في المغيا، جمعا بين المفهومين، فنقلوا عنه أنه يقبل قوله ما لم يزدد دعواه على القيمة والله العالم.
المسألة الثانية، لو اختلفا فقال المالك: هو وديعة، وقال الآخر: هو رهن، فالمشهور بين الأصحاب " رضوان الله عليهم "، أن القول قول المالك، وقيل: القول قول الآخر، ذهب إليه الصدوق والشيخ في الإستبصار، قال الصدوق في المقنع:
على صاحب الوديعة البينة، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن، ووافقه الشيخ في الإستبصار.