كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا (1) وقال عمر بن أبي ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهرا (2) عدد القطر والحصى والتراب أي أتحبها؟ وقال آخر:
رفوني وقالوا: يا خويلد لا ترع فقلت، وأنكرت الوجوه: هم هم (3) أي: أهم أهم. وروي عن ابن عباس أنه قال في قوله (فلا أقتحم العقبة) معناه أفلا أقتحم فحذف حرف الاستفهام.
ورابعها إنه عليه السلام إنما قال استخداعا للقوم، يريهم قصور علمهم، وبطلان عبادتهم لمخلوق جار عليه أعراض الحوادث، فإنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر والكواكب، وبعضهم يعبدون النيران، وبعضهم يعبدون الأوثان، فلما رأى الكوكب الذي كانوا يعبدونه، قال لهم (هذا ربي) في زعمكم، كما قال: (أين شركائي الذين كنتم تزعمون) فأضافه إلى نفسه، حكاية لقولهم، فكأنه قال لهم (هذا ربي) في قولكم. وقيل: انه نوى في قلبه الشرط أي: إن كان ربكم هذا الحجر، كما تزعمون، فهذا الكوكب، وهذا القمر والشمس، ربي. ولم يكن الحجر ربهم، ولا الكوكب ربه.
وفي هذه الآيات دلالة على حدوث الأجسام، وإثبات الصانع، وإنما استدل إبراهيم بالأفول على حدوثها، لأن حركتها بالأفول أظهر، ومن الشبهة أبعد، وإذا جازت عليها الحركة والسكون، فلا بد أن تكون مخلوقة محدثة، وإذا كانت محدثة فلا بد لها من محدث، والمحدث لا بد أن يكون قادرا ليصح منه الإحداث، وإذا أحدثها على غاية الإنتظام والإحكام، فلا بد أن يكون عالما، وإذا كان قادرا عالما، وجب أن يكون حيا موجود!.