سعيد بن المسيب، ومجاهد، قال الزجاج: فإذا كان كذلك، فموضعه نصب على إضمار الفعل، كأنه قال: وإذ قال إبراهيم لأبيه: أتتخذ آزر. وجعل أصناما بدلا من آزر وأشباهه، فقال بعد أن قال أتتخذ آزر إلها: أتتخذ أصناما آلهة؟ وهذا الذي قال الزجاج، يقوي ما قاله أصحابنا: إن آزر كان جد إبراهيم لأمه، أو كان عمه، من حيث صح عندهم، إن آباء النبي إلى آدم كلهم كانوا موحدين، واجتمعت الطائفة على ذلك.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين، إلى أرحام المطهرات، حتى أخرجني في عالمكم هذا، لم يدنسني بدنس الجاهلية ". ولو كان في آبائه كافر، لم يصف جميعهم بالطهارة، مع قوله تعالى (إنما المشركون نجس)، ولهم في ذلك أدلة ليس هنا موضع ذكرها.
وقوله (أتتخذ أصناما آلهة) استفهام المراد به الانكار أي: لا تفعل ذلك (إني أراك وقومك في ضلال) عن الصواب (مبين): ظاهر. وفي الآية حث للنبي على محاجة قومه الذين دعوه إلى عبادة الأصنام. والاقتداء بأبيه إبراهيم فيه وتسلية له بذلك (وكذلك نري إبراهيم) أي: مثل ما وصفناه من قصة إبراهيم، وقوله لأبيه ما قال، نريه (ملكوت السماوات والأرض) أي: القدرة التي تقوى بها دلالته على توحيد الله تعالى. وقيل: معناه كما أريناك يا محمد، أريناه آثار قدرتنا فيما خلقنا من الشمس، والقمر والنجوم، وما في الأرض من البحار، والمياه، والرياح، ليستدل بها. وهذا معنى قول ابن عباس، وقتادة.
وقيل: يعني بالملكوت آيات السماوات والأرض، عن مجاهد. وقيل: إن ملكوت السماوات والأرض ملكهما بالنبطية، عن مجاهد أيضا. وقيل: إن ملكوت السماوات والأرض ما نشاهده من الحوادث الدالة على أن الله سبحانه مالك لهما، والله المالك لهما، ولكل شئ بنفسه، لا يملكه سواه، فأجرى الملكوت على المملوك الذي هو في السماوات والأرض مجازا، عن أبي علي الجبائي.
وقال أبو جعفر عليه السلام: " كشط الله له عن الأرضين حتى رآهن وما تحتهن، وعن السماوات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة، وحملة العرش ". وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض، رأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات. ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، ثم رأى ثلاثة، فدعا