رحيم) فلأن ما بعد الفاء حكمه الابتداء، ومن ثم حمل قوله: (فينتقم الله منه) على إرادة المبتدأ بعد الفاء وحذفه، وأما من فتح أن في قوله: أنه فإنه جعل أن الأولى بدلا من الرحمة، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل. وأما فتحها بعد الفاء، فعلى أنه أضمر له خبرا، وتقديره فله أنه غفور رحيم أي: فله غفرانه، أو أضمر مبتدأ يكون أنه خبرا له أي: فأمره أنه غفور رحيم. وعلى هذا التقدير يكون الفتح في قول من فتح: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم، تقديره: فله أن له نار جهنم إلا أن إضماره هنا أحسن، لأن ذكره قد جرى في قوله (أن له) وإن شئت قدرت: فأمره أن له نار جهنم. فيكون خبر هذا المبتدأ المضمر. وأما قراءة كتب ربكم أنه فإنه فالقول فيها أنه أبدل من الرحمة، ثم استأنف ما بعد الفاء.
اللغة: قال المبرد: السلام في اللغة أربعة أشياء: مصدر سلمت سلاما.
وجمع سلامة. واسم من أسماء الله عز وجل. وشجر في قوله (إلا سلام وحرمل) (1) ومعنى السلام الذي هو مصدر أنه دعاء للإنسان بأن يسلم من الآفات. والسلام: اسم الله، تأويله ذو السلام أي الذي يملك السلام: الذي هو التخلص من المكروه. وأما السلام، الشجر: فهو شجر قوي، سمي بذلك لسلامته من الآفات. والسلام:
الحجارة سمي بذلك لسلامتها من الرخاوة. والصلح يسمى السلام والسلم لأن معناه السلامة من الشر، والسلم: الدلو التي لها عروة واحدة، لأنها أسلم الدلاء من الآفات.
النزول: اختلف في من نزلت فيه هذه الآية، فقيل: نزلت في الذين نهى الله عز وجل نبيه عن طردهم، وكان النبي إذا رآهم بدأهم بالسلام، وقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام، عن عكرمة، وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة منهم حمزة، وجعفر، ومصعب بن عمير، وعمار، وغيرهم، عن عطاء. وقيل: إن جماعة أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: إنا أصبنا ذنوبا كثيرة، فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلت الآية، عن أنس بن مالك، وقيل: نزلت في التائبين، وهو المروي عن أبي عبد الله، عليه السلام.