أي: أحسسن به. وقيل: إنه من المرية أي: شكت أحملت أم لا. وعن الحسن: شكت أغلام أم جارية، وروي أن عبد الله بن عمر قرأ: (فمارت به)، وهو من قولهم: مار يمور: إذا ذهب وجاء. وقرأ ابن عباس: (فاستمرت به)، ومعناه: مرت له مكلفة نفسها ذلك، لأن استفعل يأتي في أكثر الأمر بمعنى الطلب.
ومن قرأ: (الا يتبعوكم) فإنه في المعنى مثل القراءة الأخرى. قال أبو زيد: رأيت القوم فأتبعتهم اتباعا أي: ذهبت معهم، واتبعتهم اتباعا إذا سبقوك فأسرعت نحوهم وتبعتهم مثل أتبعتهم في المعنى، اتبعهم تبعا.
المعنى: لما تقدم ذكر الله تعالى، ذكر عقيبه ما يدل على وحدانيته، فقال:
(هو الذي خلقكم) والخطاب لبني آدم (من نفس واحدة) يعني آدم عليه السلام (وجعل) أي: وخلق (منها زوجها) يعني: حواء (ليسكن) آدم (إليها) ويأنس بها (فلما تغشاها) أي: فلما أصابها كما يصيب الرجل زوجته، يعني: وطأها، وجامعها (حملت حملا خفيفا) وهو الماء الذي حصل في رحمها، وكان خفيفا (فمرت به) أي: استمرت بالحمل على الخفة، تقوم وتقعد، وتجئ وتذهب، كما كانت من قبل، لم يمنعها ذلك الحمل عن شئ من التصرف. (فلما أثقلت) أي: صارت ذات ثقل، كما يقال أثمرت الشجرة: صارت ذات ثمر. وقيل معناه:
دخلت في الثقل، كما يقال أصاف: دخل في الصيف، وأشتى: دخل في الشتاء.
والمعنى: لما كبر الحمل في بطنها وتحرك، وصارت ثقيلة به.
(دعوا الله ربهما) يعني: آدم وحواء، سألا الله تعالى عند كبر الولد في بطنها (لئن آتيتنا صالحا) أي: أعطيتنا ولدا صالحا، عن أبي مسلم. وقيل: نسلا صالحا، أي: معافى سليما، صحيح الخلقة، عن الجبائي. وقيل: بشرا سويا، عن ابن عباس. وقيل: غلاما ذكرا، عن الحسن (لنكونن من الشاكرين) لنعمتك علينا، قال الجبائي: وإنما قالا ذلك، لأنهما أرادا أن يكون لهما أولاد يؤنسونهما في الموضع الذي كانا فيه، لأنهما كانا فردين مستوحشين، وكان إذا غاب أحدهما عن الآخر، بقي الآخر مستوحشا بلا مؤنس، ويحتمل أيضا أن يكون أراد بقوله (صالحا) مطيعا فاعلا للخير، مصلحا غير مفسد.
(فلما آتاهما) الله (صالحا) كما التمساه. (جعلا له شركاء فيما آتاهما).