الحجة: قال الأخفش: نعم ونعم لغتان، فالكسر لغة كنانة وهذيل، والفتح لغة باقي العرب، وأن التي تقع بعد العلم، إنما هي المشددة والمخففة عنها. وأذن مؤذن معناه: أعلم معلم أن لعنة الله. ومن خفف أن فعلى إرادة إضمار القصة، والحديث، وتقديره أنه لعنة الله، ومثله: (آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) التقدير أنه. ولا تخفف أن هذه إلا وإضمار القصة والحديث يراد معها، والمكسورة إذا خففت لا يكون كذلك. والفصل بينهما أن المفتوحة موصولة، والموصولة تقتضي صلتها فصارت لاقتضائها أشد اتصالا بما بعدها من المكسورة، فقدر بعدها الضمير الذي هو من جملة صلتها، وليست المكسورة كذلك.
الاعراب واللغة: قال سيبويه: نعم عدة وتصديق، فإذا استفهمت أجبت بنعم. قال أبو علي: والذي يريده بقوله عدة وتصديق، أنه يستعمل عدة، ويستعمل تصديقا، وليس يريد أنه يجتمع التصديق مع العدة. ألا ترى أنه إذا قال أتعطيني؟
فقلت: نعم. كان عدة ولا تصديق في هذا، وإذا قال: قد كان كذا؟ فقلت:
نعم. فقد صدقته، ولا عدة في هذا. فليس هذا القول من سيبويه كقوله في إذا أنها جواب وجزاء، لأن إذا يكون جوابا في الموضع الذي يكون فيه جزاء، وقوله: إذا استفهمت أجبت بنعم: يريد إذا استفهمت عن موجب أجبت بنعم، ولو كان مكان الإيجاب النفي، لقلت بلى، ولم تقل نعم، كما لا تقول في جواب الموجب بلى (قال ألست بربكم قالوا بلى) (والذين يصدون) في موضع جر بأنه صفة (للظالمين). و (عوجا) يجوز أن يكون منصوبا بأنه مفعول به بمعنى يبغون لها العوج. ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر بمعنى يطلبون لها هذا الضرب من الطلب، كما تقول: رجع القهقري أي: رجع هذا الضرب من الرجوع، وكذلك عدا البشكى (1)، واشتمل الصما. والعوج بالكسر يكون في الطريق وفي الدين، وبالفتح يكون في الخلقة، تقول في ساقه عوج بفتح العين، وفي دينه عوج بالكسر.
المعنى: ثم حكى سبحانه ما يجري بين أهل الجنة والنار، بعد استقرارهم في الدارين، فقال، (ونادى) أي: وسينادي (أصحاب الجنة أصحاب النار) أي: أهل الجنة أهل النار، وإنما ذكر بلفظ الماضي، لتحقيق المعنى، جعل ما سيكون كأنه