(وعلى الأعراف رجال) اختلف في المراد بالرجال هنا على أقوال، فقيل:
إنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فحالت حسناتهم بينهم وبين النار، وحالت سيئاتهم بينهم وبين الجنة، فجعلوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما شاء، ثم يدخلهم الجنة، عن أن عباس، وابن مسعود.
وذكر أن بكر بن عبد الله المزني قال للحسن: بلغني أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فضرب الحسن يده على فخذه، ثم قال: هؤلاء قوم جعلهم الله على تعريف أهل الجنة والنار، يميزون بعضهم من بعض، والله لا أدري لعل بعضهم معنا في هذا البيت.
وقيل: إن الأعراف موضع عال على الصراط، عليه حمزة، والعباس، وعلي، وجعفر، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه، ومبغضيهم بسواد الوجوه، عن الضحاك، عن ابن عباس، رواه الثعلبي بالإسناد في تفسيره.
وقيل: إنهم الملائكة في صورة الرجال، يعرفون أهل الجنة والنار، ويكونون خزنة الجنة والنار جميعا أو يكونون حفظة الأعمال الشاهدين بها في الآخرة، عن أبي مجلز. وقيل: إنهم فضلاء المؤمنين، عن الحسن، ومجاهد، وقيل: إنهم الشهداء، وهم عدول الآخرة، عن الجبائي.
وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: (هم آل محمد عليه السلام، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه).
وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: (الأعراف كثبان (1) بين الجنة والنار، فيقف عليها كل نبي، وكل خليفة نبي، مع المذنبين من أهل زمانه، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، وقد سيق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: أنظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سيقوا إلى الجنة، فيسلم المذنبون عليهم، وذلك قوله: (ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم).
ثم أخبر سبحانه أنهم لم يدخلوها وهم يطمعون يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والإمام، وينظر هؤلاء المذنبون