إلى أهل النار، فيقولون: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، ثم ينادي أصحاب الأعراف، وهم الأنبياء والخلفاء أهل النار مقرعين لهم (1): ما أغنى عنكم جمعكم، وما كنتم تستكبرون، أهؤلاء الذين أقسمتم يعني أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم، تستطيلون بدنياكم عليهم، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
ويؤيده ما رواه عمر بن شيبة وغيره: (إن عليا عليه السلام قسيم النار والجنة) ورواه أيضا بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (يا علي كأني بك يوم القيامة، وبيدك عصا عوسج، تسوق قوما إلى الجنة وآخرين إلى النار).
وروى أبو القاسم الحسكاني بإسناده رفعه إلى الأصبغ بن نباته، قال: (كنت جالسا عند علي عليه السلام، فأتاه ابن الكوا فسأله عن هذه الآية، فقال: ويحك يا ابن الكوا! نحن نقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار).
وقوله (يعرفون كلا بسيماهم) يعني هؤلاء الرجال الذين هم على الأعراف، يعرفون جميع الخلق بسيماهم، يعرفون أهل الجنة بسيماء المطيعين، وأهل النار بسيماء العصاة (ونادوا أصحاب الجنة) يعني هؤلاء الذين على الأعراف، ينادون بأصحاب الجنة (أن سلام عليكم) وهذا تسليم وتهنئة وسرور، بما وهب الله لهم (لم يدخلوها، أي: لم يدخلوا الجنة بعد، عن ابن عباس، وابن مسعود، والحسن، وقتادة (وهم يطمعون) أن يدخلوها. وقيل: إن الطمع ههنا طمع يقين، مثل قول إبراهيم (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي)، وهو قول الحسن، وأبي علي الجبائي.
(وإذا صرفت أبصارهم) يعني أبصار الذين على الأعراف (تلقاء أصحاب النار) إلى جهنم (2)، فنظروا إليهم، وإنما قال (صرفت أبصارهم) لأن نظرهم نظر عداوة، فلا ينظرون إليهم إلا إذا صرفت وجوههم إليهم (قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) أي: لا تجمعنا وإياهم في النار. وروي أن في قراءة عبد الله بن