وضده التحليل وهو الإطلاق في الفعل بالبيان على جواز تناوله، وأصل التحريم:
المنع من قولهم حرم فلان الرزق حرمانا، فهو محروم. وأحرم بالحج. وحرمة الرجل: زوجته. والحرمات: الجنايات. والمحرم: القرابة التي لا يحل تزوجها.
وحريم الدار: ما كان من حقوقها. والفواحش: جمع فاحشة، وهي أقبح القبائح، وهي الكبائر. والبغي: الاستطالة على الناس، وحده طلب الترؤس بالقهر من غير حق، وأصله الطلب، وينبغي كذا أي: هو أولى أن يطلب. والسلطان، والبرهان، والبيان، والفرقان، نظائر، وحدودها تختلف:
فالبيان: إظهار المعنى للنفس، كإظهار نقيضه. والبرهان: إظهار صحة المعنى، وإفساد نقيضه. والفرقان: إظهار تميز المعنى مما التبس به، والسلطان:
إظهار ما يتسلط به على نقيض المعنى بالإبطال، والأمة: الجماعة التي يعمها معنى، وأصلها من أمه يؤمه: إذا قصده فالأمة: الجماعة التي على مقصد واحد.
والأجل: الوقت المضروب لانقضاء المهل، لأن بين العقد الأول الذي يضرب لنفس الأجل، وبين الوقت الآخر مهلا، مثل أجل الدين، وأجل الرزق وأجل الوعد، وأجل العمر.
المعنى: ثم بين سبحانه المحرمات، فقال: (قل) يا محمد (إنما حرم ربي الفواحش) أي: جميع القبائح والكبائر، عن الجبائي، وأبي مسلم (ما ظهر منها وما بطن) أي: ما علن منها، وما خفي. وقد ذكرنا ما قيل فيه في سورة الأنعام، ومعناه لم يحرم ربي إلا الفواحش لما قد بينا قبل أن لفظة (إنما) محققة لما ذكرنا فيه، لما لم يذكر، فذكر القبائح على الاجمال.
ثم فصل للبيان، فقال: (والإثم والبغي) فكأنه قال: حرم ربي الفواحش التي منها الإثم، ومنها البغي، ومنها الإشراك بالله. وقيل: إن الفواحش هي الزنا، وهو الذي بطن منها، والتعري في الطواف، وهو الذي ظهر منها، عن مجاهد.
وقيل: هي الطواف فما ظهر منها: طواف الرجال بالنهار، وما بطن: طواف النساء بالليل. والإثم: قيل هو الذنوب والمعاصي، عن الجبائي. وقيل: الإثم ما دون الحد عن الفراء. وقيل: الإثم الخمر عن الحسن، وأنشد الأخفش:
شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقول