تقدير شئ حتى تعلقه بما قبل. أما إذا كان ظرفا للام الجارة، فمعنى الفعل يعمل فيه كما تقول: لك ثوب كل يوم، وإذا كان من الصلة فنفس الفعل الظاهر يعمل فيه. فاما إذا جعلته حالا، فإنه ينبغي أن تقدر فعلا، أو اسم فاعل يكون في موضع الحال، ويكون (في الحياة) متعلقا به، ولا يوهمنك قول أبي إسحاق الذي ذكرناه:
إنه يلزم أن يقدر قوله (في الحياة الدنيا) في تقدير الحال لا غير، إذا جعلت (خالصة) منصوبا على الحال، فإن الوجهين الآخرين كل واحد منهما مع نصب (خالصة) على الحال، سائغ جائز.
المعنى: لما تقدم ذكر ما أنعم الله سبحانه على عباده، من اللباس، والرزق، أمرهم في أثرها بتناول الزينة، والتستر، والاقتصاد في المأكل والمشرب، فقال: (يا بني آدم) وهو خطاب لسائر المكلفين (خذوا زينتكم عند كل مسجد) أي: خذوا ثيابكم التي تتزينون بها للصلاة في الجمعات والأعياد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام. وقيل: عند كل صلاة.
روى العياشي بإسناده أن الحسن بن علي عليه السلام، كان إذا قام إلى الصلاة، لبس أجود ثيابه. فقيل له: يا بن رسول الله! لم تلبس أجود ثيابك؟ فقال: (إن الله جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، وهو يقول (خذوا زينتكم عند كل مسجد) فأحب أن ألبس أجود ثيابي).
وقيل: معناه خذوا ما تسترون به عوراتكم، وإنما قال ذلك، لأنهم كانوا يتعرون من ثيابهم للطواف، على ما تقدم بيانه، وكان يطوف الرجال بالنهار، والنساء بالليل، فأمرنا بلبس الثياب في الصلاة، والطواف، عن جماعة من المفسرين.
وقيل: إن أخذ الزينة هو التمشط عند كل صلاة، روي ذلك عن الصادق عليه السلام.
(وكلوا واشربوا) صورته صورة الأمر، والمراد الإباحة، وهو عام في جميع المباحات (ولا تسرفوا) أي: لا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام قال مجاهد: (لو أنفقت مثل أحد في طاعة الله، لم تكن مسرفا، ولو أنفقت درهما، أو مدا، في معصية الله، لكان إسرافا).
وقيل: معناه لا تخرجوا عن حد الاستواء في زيادة المقدار. وقد حكي أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال ذات يوم لعلي بن الحسين بن واقد: ليس