والزمر في المواضع الستة، وقرأ أهل الكوفة بضم الياء في هذه المواضع. وقرأ الباقون هنا، وفي سورة يونس بفتح الياء، وفي الأربعة بعد هذين الموضعين بضم الياء.
الحجة: حجة من ضم الفاء من (فصل) والحاء من (حرم) قوله: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) فهذا تفصيل هذا العام المجمل بقوله:
(حرم) (1)، (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا) فمفصلا يدل على فصل.
وحجة من قرأ (فصل)، و (حرم) بفتح الفاء والحاء، قوله: (قد فصلنا الآيات)، وقوله: (أتل ما حرم ربكم)، وقوله: (الذين يشهدون ان الله حرم هذا). وحجة من ضم الياء من يضلون ويضلوا أنه يدل على أن الموصوف بذلك في الضلالة أذهب، ومن الهدى أبعد، ألا ترى أن كل مضل ضال، وليس كل ضال مضلا، لأن الضلال قد يكون مقصورا على نفسه لا يتعداه إلى سواه. ومن قرأ بفتح الياء فإنه يريد أنهم يضلون في أنفسهم، من غير أن يضلوا غيرهم من أتباعهم، بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه، وغير ذلك، أي: يضلون باتباع أهوائهم.
الاعراب واللغة: (وذروا): الواو للعطف، وإنما استعمل منه الأمر والمستقبل، ولا يستعمل وذر ولا واذر أشعروا بذلك كراهية الابتداء بالواو، حتى لم يزيدوها هناك أصلا مع زيادتهم أخواتها، واستغنوا فيها بترك وتارك، وهذا كما استعملوا الماضي دون المستقبل، واسم الفاعل في عسى. والظاهر: الكائن على وجه يمكن إدراكه، والباطن: هو الكائن على وجه يتعذر إدراكه. والكسب: ما يفعل لاجتلاب النفع، أو دفع الضرر، وإنما يوصف به العبد دون الله تعالى، لاستحالة النفع والضرر عليه سبحانه. والكواسب: الجوارح من الطير، لأنها تكسب ما تنتفع به، وقد بينا أن معنى الإقتراف: الإكتساب.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم من الكلام فقال: (فكلوا) ثم، اختلف في ذلك فقيل: انه لما ذكر المهتدين فكأنه قال: ومن الهداية أن تحلوا ما أحل الله، وتحرموا ما حرم الله، فكلوا. وقيل: إن المشركين لما قالوا للمسلمين:
أتأكلون ما قتلتم أنتم، ولا تأكلوا ما قتل ربكم، فكأنه قال سبحانه لهم، أعرضوا عن