بمعنى يعلم، كما قال حاتم الطائي:
فحالفت طيئ من دوننا حلفا والله أعلم ما كنا لهم خذلا وقالت الخنساء:
القوم أعلم أن جفنته تغدو غداة الريح، أو تسري (1) وهذا فاسد، لأنه لا يطابق قوله: (وهو أعلم بالمهتدين)، ولا يجوز أن يكون (من) في موضع جر بإضافة (أعلم) إليه، لأن أفعل لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه، وجل ربنا وتقدس عن أن يكون بعض الضالين، ولا بعض المضلين.
المعنى: لما تقدم ذكر الكتاب، بين سبحانه في هذه الآية ان من تبع غير الكتاب، ضل وأضل، فقال: (وإن تطع) يا محمد، خاطبه صلى الله عليه وآله وسلم والمراد غيره، وقيل: المراد هو وغيره، والطاعة هي امتثال الأمر وموافقة المطيع المطاع فيما يريده منه إذا كان المريد فوقه، والفرق بينها وبين الإجابة أن الإجابة عامة في موافقة الإرادة الواقعة موقع المسألة، ولا يراعى فيها الرتبة (أكثر من في الأرض) يعني الكفار، وأهل الضلالة، وإنما ذكر الأكثر لأنه علم سبحانه أن منهم من يؤمن ويدعو إلى الحق، ويذب عن الدين، ولكن هم الأقل، والأكثر الضلال. (يضلوك عن سبيل الله) أي: عن دينه.
وفى هذا دلالة على أنه لا عبرة في دين الله ومعرفة الحق، بالقلة والكثرة، لجواز أن يكون الحق مع الأقل، وإنما الاعتبار فيه بالحجة دون القلة والكثرة (إن يتبعون الا الظن) أي: ما يتبع هؤلاء المشركون فيما يعتقدونه، ويدعون إليه إلا الظن (وإن هم الا يخرصون) أي: ما هم إلا يكذبون، وقيل: معناه أنهم لا يقولون عن علم، ولكن عن خرص وتخمين. وقال ابن عباس: كانوا يدعون النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين إلى أكل الميتة، ويقولون: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل ربكم؟
فهذا ضلالهم (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله) خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وإن عنى به جميع الأمة.
ويسأل فيقال: كيف جاز في صفة القديم سبحانه أعلم، مع أنه سبحانه لا