ولو تغير اجتهاد المجتهد في أثناء الصلاة انحرف وبنى إن كان لا يبلغ موضع الإعادة والا أعاد ولو تغير اجتهاده بعد الصلاة لم يلتفت ولا يلحق به حكم اليقين قال المصنف في المنتهى لا نعرف فيه خلافا ولو خالف المجتهد اجتهاده وصلى وصادف القبلة لم يصح صلاته لأنه أقدم على النهي والنهي في العبادة يستلزم الفساد قال الشيخ في المبسوط بالاجزاء لان المأمور به هو التوجه إلى القبلة وقد اتى به ومنعه ظاهر ولو قلد مجتهدا فأخبره بالخطأ استدار ان لم يبلغ الانحراف موضع الإعادة والا استأنف ولو صلى بقول واحد فأخبره اخر بخلافه في أثناء الصلاة اعتبر بالأول ولو اختلف المجتهدون لم يأتهم بعضهم ببعض عند الشيخ والمحقق وأكثر الأصحاب لان كل واحد منهم يعتقد خطأ الأخر واحتمل المصنف في التذكرة الصحة لان فرض كل واحد منهم التعبد بظنه فكانوا كالقائمين حول الكعبة فان جهتهم مختلفة مع صحة صلاتهم جماعة وربما يفرق بينهما بتعدد الجهة في المصلين حول الكعبة بخلاف المجتهدين للقطع بخطأ بعضهم وربما يدفع بان الخطأ في استقبال الكعبة لا في الجهة التي يجب استقبالها عليهم لان كلامهم متعبد بظنه وان لم يطابق الواقع ولو اختلف الإمام والمأموم في التيامن والتياسر فالأقرب جواز الاقتداء لان صلاة كل منهما صحيحة ولحصول الشرط بالنسبة إلى كل منهما لان الواجب مع البعد الجهة وما بين المشرق والمغرب قبلة مع ما علم من المساهلة في أمر القبلة وقوى المصنف في التذكرة عدم الجواز بناء على أن الواجب إصابة العين وفيه تأمل {المقصد الرابع} ما يصلى فيه وفيه مطلبان الأول اللباس يجب ستر العورة في الصلاة وهو قول علماء الاسلام نقل ذلك جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان والشهيد وقال المصنف أجمع علماؤنا على أنه شرط في الصلاة وقال في المعتبر وعندنا وعند الأكثر انه شرط في الصحة مع الامكان ونحوه قال الشهيد رحمه الله ويدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال سألته عن رجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقى عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي قال إن أصاب حشيشا يستر (ليستر) عورته أتم صلاته بالركوع والسجود وان لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم فترك أعظم أو كان الصلاة حينئذ صريح في اشتراط الصحة بالستر وانما عددنا هذه الرواية من الصحاح جريا على المشهور وقد يتوقف في ذلك بناء على أن الشيخ نقلها عن محمد بن علي بن محبوب عن العمركي عن علي بن جعفر والشائع المتعارف وجود الواسطة بين ابن محبوب والعمركي فلا يبعد سقوط الواسطة سهوا وهذا من عادة الشيخ والواسطة بينهما في الأكثر محمد بن أحمد العلوي وهو مجهول الحال فاذن الحديث معلل واما قوله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد ففيه تأييد ما لوجوب الستر في الصلاة لما قيل اتفق المفسرون على أن الزينة هنا ما يواري العورة في الصلاة والطواف لأنهما المعبر عنهما بالمسجد ولا ينافي التأييد في الجملة وجود الاختلافات في تفسيرها في الاخبار وأقوال المفسرين ولا دلالة فيها على وجوب الامر المذكور مع قيام الاحتمالات الكثيرة على خلافه ولا تأييد (فيها) للاشتراط الا في صورة تضاد الصلاة عاريا للستر الواجب لا مطلقا فالاستدلال بها على الاشتراط كما وقع في كلام الشهيد وغيره محل اشكال واما قوله تعالى يا بني ادم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم اي ستر عوراتكم وكلما بسوء كشفه عنكم ففيه اشعار بوجوب ستر العورة باللباس مطلقا فان يواري سوآتكم يومي إلى قبح الكشف وان الستر مراد الله سبحانه وفيها تأييد للاشتراط في الصورة المذكورة وهل الستر شرط مع الذكر أو مطلقا ظاهر المصنف في المختصر والنهاية صحة الصلاة إذا لم يعلم بالانكشاف سواء دخل في الصلاة عاريا ساهيا أو انكشف في الأثناء وسواء كان الانكشاف في جميع الصلاة أو كان في بعضها وقال في المعتبر لو انكشف عورته في أثناء الصلاة ولم يعلم صحت صلاته لأنه مع عدم العلم غير مكلف ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يصلي وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه الإعادة قال لا إعادة عليه وقد تمت صلاته ويظهر من التعليل عدم الفرق بين الستر ابتداء والتكشف في الأثناء وبين الكشف في جميع الصلاة وبعضها وفرق الشهيد رحمه الله في كتبه وقال في الذكرى ولو قيل بان المصلي عاريا مع التمكن من الساتر يعيد مطلقا والمصلى مستورا ويعرض له الكشف في الأثناء بغير قصد لا يعيد مطلقا كان قويا وقريب منه كلامه في البيان وكلامه يحتمل أمرين أحدهما الفرق بين الانكشاف في جميع الصلاة وبين الانكشاف في البعض وثانيهما الفرق بين النسيان ابتداء والتكشف في الأثناء وكلامه في الذكرى يشعر بالأول حيث قال وليس بين الصحة مع عدم الستر بالكلية وبينهما مع عدمه ببعض الاعتبارات تلازم بل جاز ان يكون المقتضى للبطلان انكشاف جميع العورة في جميع الصلاة فلا يحصل البطلان بدونه وجاز ان يكون المقتضى للصحة ستر جميعها في جميعها فتبطل بدونه وقال ابن الجنيد لو صلى وعورتاه مكشوفتان غير عامد أعاد في الوقت فقط فقال الشيخ في المبسوط فان انكشف عورتاه في الصلاة وجب سترهما عليه ولا يبطل صلاة سواء كان ما انكشف عنه قليلا أو كثيرا بعضه أو كله وكلام الشيخ مطلق يشتمل صورة العلم والعمد وعليه حمله المصنف في التذكرة وإن كان المنساق إلى الذهن منها الانكشاف بدون العلم والعمد وعليه حمل المصنف في المختصر والأقرب ان الانكشاف ساهيا غير ضائر مطلقا لحصول الامتثال فان التكليف بالصلاة مطلق لا يتخصص بشرط الا بالقدر الذي اقتضاه الدليل ويقتضي الاشتراط الا بشرط العلم والتذكر لا مطلقا ويعضده رواية علي بن جعفر السابقة فان الظاهر من قوله وفرجه؟ ح محمول على معنى الجنس وان احتملت الوحدة وعد المصنف هذه الرواية من الصحاح مع أن في طريقة محمد بن أحمد العلوي وهو غير موثق ولعله نظر إلى أن الوسائط بين علي بن جعفر والناقلين غير ضائر لان الاخبار مأخوذة من كتابه وكتابه أصل مشهور معول عليه منقول بطرق شئ من الصحاح وغيره وانما يذكرون الوسائط رعاية لاتصال السند لكن طريق (التأمل) عن ذلك غير منسد بالكلية واما الفرق الذي نقلناه عن الشهيد فلا دليل عليه واما ما قاله ابن الجنيد فاحتج له المصنف بان الستر شرط للصحة وقد انتفى فوجبت الإعادة لعدم حصول الامتثال واما القضاء فغير واجب لأنه بتكليف جديد ولم يثبت واعترض عليه بان الستر شرط للصحة عند التذكر لا مطلقا وقد يعترض عليه أيضا بان الستر إذا كان شرطا على الاطلاق فهو كالطهارة التي لا يفرق الحال فيها بين الوقت وخارجه ويمكن المناقشة فيه بان الأخبار الدالة على وجوب القضاء لا يشتمل على فوات القضاء بأي نحو كان فشمولها لمحل النزاع محل تأمل واما كلام الشيخ في المبسوط فإن لم يبق على اطلاقه لم يخالف المشهور وان أبقى على الاطلاق خالف المشهور وابطاله لا يخلو عن اشكال لان ما اقتضاه الدليل بطلان الصلاة بالانكشاف محامدا في جميع الصلاة لا مطلقا والمصنف في التذكري أبقاه على الاطلاق واعترض عليه بان الستر شرط وقد فات وأنت خبير بما فيه فتدبر بثوب (ط) على الاجماع وقد مر تحقيقه في كتاب الطهارة الا ما استثنى من ثوب ذي القروح الدامية والجروح وثوب المربية للصبي والمتنجس بدم ينقص عن سعة الدرهم البغلي وما لا يتم الصلاة فيه وما تعذر تطهيره مع الاضطرار إلى لبسه وقد مر تفصيل هذه المسائل مملوك للمصلي ويتحقق بملك العين والمنفعة كالمستأجر والمستحق منفعته بوجه شرعي كالوصية أو الشرط في عقد لازم أو نحوها أو مأذون فيه في الصلاة واللبس مطلقا منطوقا أو مفهوما قال الشارح الفاضل ولا يكفي شاهد الحال هنا لعدم النص وأصالة المنع من التصرف في مال الغير فيقصر فيما خالفه على محل الوفاق وهو المكان والفرق بين اللباس والمكان ان اللباس يبلى بالاستعمال ولكل جزء منه مدخل في التأثير بخلاف المكان انتهى ولا يخفى انه ان اشترطنا في شاهد الحال حصول العلم برضى المالك لم يبق فرق بين المكان وغيره في الالتحاق شاهد الحال فيهما بالصريح وان اكتفينا بالظن كان للتأمل فيه مجال ويمكن ان يقال شاهد الحال انما يتحقق في كل موضع لم يتعارف بين الناس المضائقة في أمثاله وكان من الشايع المعتاد
(٢٢٣)