هذا الاستدلال اتى في غير المحصور كالصحراء أيضا فاحتج إلى أن يتكلف ويقال الحكم لا يتعدى هناك الحكم للاجماع أو رفعا للمشقة ومن الأصحاب جماعة ويقولون (بالجواز) للملاقي لبعض المحل المشتبه من المحصور على الطهارة لعدم القطع بملاقاته ويوافقون للباقين في منع السجود واما على الجواز في الثاني فبدفع المشقة ويشكل بانتفاء المشقة في كثير من الضرر وبان مجرد المشقة لا يكفي في زوال حكم التنجيس مع أن ما يصلح للاقتضاء في المحصور وغيره متحد والكلام في تحقيق معنى المحصور قد مر في كتاب الطهارة ويكره ان يصلي وهو على جانبه أو قدامه امرأة تصلي على رأي هذا قول المرتضى وابن إدريس وأكثر المتأخرين وذهب الشيخان إلى أنه لا يجوز ان يصلي الرجل والى جنبه امرأة تصلي سواء صلت صلاته مقتدية به أو لا فان فعلا بطلت صلاتهما وكذا ان تقدمته عند الشيخ ولم يذكر ذلك المفيد وتبعهما ابن حمزة وابن الصلاح وقال الجعفي ومن صلى وحياله امرأة وليس بينهما قدر عظم الذراع فسدت الصلاة والأول أقرب لنا اطلاق الامر بالصلاة فلا يتقيد الا بدليل وما ذكروه لا يصلح للتقييد وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي والمراة إلى جنبي وهي تصلي فقال لا الا ان تتقدم هي أو أنت ولا باس ان تصلي وهي بحذائك قائمة وجالسة وجه الاستدلال بهذا الخبر ان المستفاد منه جواز تقدم المراة في الصلاة والشيخ واتباعه مانعون عن ذلك لكنها غير رافعة لقول المفيد وفي الصحيح عن العلا عن محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى قال لا ينبغي ذلك فإن كان بينهما شبر اجزاه ذلك وجه الاستدلال بهذا الخبر ان قوله عليه السلام لا ينبغي ظاهره الكراهة والاكتفاء بالشبر يقتضي عدم وجوب الزائد وذكر الشيخ بعد نقل الرواية يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة والظاهر أن ذلك من كلامه وهو تخصيص من غير ضرورة وقد يقال الظاهر أن الستر بالسين المهملة والتاء المثناة من فوق وليس بشئ لان الراوي الشيخ فهو اعرف بالرواية وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في المراة تصلي إلى جنب الرجل قريبا منه فقال إذا كان بينهما موضع رحل فلا باس وهذا الخبر غير رافع لقول الجعفي بل يوافقه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن فضالة عن حسين بن عثمان عن الحسن الصيقل عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سألته عن الرجل والمراة يصليان في بيت واحد المراة عن يمين الرجل بحذائه قال لا الا ان يكون بينهما شبر أو ذراع وفي طريق هذه الرواية الحسن الصيقل وهو مجهول الحال الا (انها) صحيحة إلى فضالة وقيل إنه ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فيكون للخبر قوة وفي الصحيح عن الحسن بن علي بن فضال عمن اخبره عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي والمراة تصلي بحذائه قال لا باس وصحتها إلى الحسن امارة الاعتماد عليها وأولها الشيخ بما إذا كان التباعد عشرة أذرع أو كان بينهما حائل وهو بعيد وعن أبي بصير باسناد فيه ضعف لمحمد بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل والمراة يصليان جميعا في بيت المراة عن يمين الرجل بحذائه قال لا حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه واستدل عليه أيضا بما رواه ابن بابويه عن معاوية بن وهب أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمراة يصليان في بيت واحد فقال إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذائه وحدها (وهو) وحده ولا باس وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا كان بينه وبينهما قدر ما يتخطى أو قدر عظم الذراع فصاعدا فلا باس ان صلت بحذائه وحدها وفي هذا الاستدلال اشكال لان المعنى بالوحدة كما يجوز ان يكون الانفراد يجوز ان يكون صلاة أحدهما بدون الآخر واعتبار مقدار في ذلك على سبيل الوجوب وإن كان خلاف الاتفاق لكن احتمال الاستحباب لا دليل على نفيه وعدم ذكر الأصحاب لذلك لا يوجب اطباقهم على نفيه بخلاف الوجوب والأظهر ان يجعل الخبران من المؤيدات واستدل عليه أيضا بما رواه ابن بابويه في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا باس ان تصلي المراة بحذاء الرجل وهو يصلي فان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي وعايشة مضطجعة بين يديه وهي حايض وكان إذا أراد ان يسجد غمز رجلها فرفعت رجلها حتى يسجد والظاهر من قوله عليه السلام وهو يصلي ان يكون حالا من قوله تصلي المراة لكن التعليل لا يناسبه الا بتكلف أو يحتمل ان يكون حالا من قوله لا باس (فيكون للمعنى لا باس صح) بذلك والحال ان عكسه جايز فيكون قوله وهو يصلي (يعني) بحذاء المراة ويكون التعليل لذلك ويحتمل ان يكون جملة مستأنفة ويرجع ماله إلى الاحتمال المذكور على الاحتمالين فالقدر المستفاد من الخبر جواز صلاة كل منهما بحذاء الأخر في الجملة لا في خصوص حالة كون الأخر مصليا فالاستدلال بهذا الخبر مشكل واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المراة تصلي عند الرجل فقال لا تصلي المراة بحيال الرجل الا ان يكون قدامها ولو (بصدره) فإنها تدفع قول من اعتبر في زوال المنع في صورة تقدم الرجل مقدار مسقط الجسد إما من اعتبر أقل من ذلك فلا والمستفاد من كلام المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى ان المعتبر شبر أو مسقط الجسد فلا يتم الاستدلال بها واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المراة تصلي عند الرجل فقال إذا كان بينهما حاجز فلا باس فلا يمكن الاستدلال بها على المدعا لظهور الرواية في اعتبار الحائل ويمكن الاستدلال بهذه الاخبار بناء على الاختلاف في اعتبار القيود فيها ففي بعضها لم يعتبر الحائل وفي بعضها لم يعتبر التقدير بالعشر وهذا الاختلاف امارة الاستحباب والاختلاف في القيود يبنى على اختلاف مراتب الفضيلة احتج المانعون بالاجماع ادعائه الشيخ وبحصول يقين البراءة وضعفهما ظاهر وبما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يستقيم له ان يصلي وبين يديه امرأة تصلي قال لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة وإن كانت عن يمينه ويساره جعل بينه وبينها مثل ذلك فإن كانت تصلي خلفه فلا باس وإن كانت تصيب ثوبه وإن كانت المراة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا باس حيث كانت وفي الصحيح عن محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المراة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا فقال لا ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المراة وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن امام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله تصلي معه وهي تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم وما حال المراة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر قال لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المراة وعد بعضهم هذه الرواية من الصحاح وفيه تأمل لان في طريقه جعفر بن محمد عن العمركي وجعفر مشترك بين الثقة وغيره الا ان يقال طريق الشيخ إلى علي بن جعفر صحيح فتكون الرواية من الصحاح وفيه تأمل ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن إدريس بن عبد الله القمي قال سألت أبا عبد الله عن الرجل يصلي وبحياله امرأة نائمة جنب على فراشها فقال إن كانت قاعدة فلا تضرك وإن كانت تصلي فلا ويؤيده ما رواه الكليني باسناد ضعيف عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي والمراة بحذائه يمنه أو يسره قال لا باس به إذا كانت لا تصلي والجواب عن الروايات بالحمل على الأفضلية جمعا بين الأدلة ويؤيده ذلك اختلاف القيود في الأخبار السابقة بناء على اختلاف مراتب الفضيلة مع أن الامر بالإعادة في رواية علي بن جعفر لا يعلم كونه بسبب المحاذاة إذ يجوز ان يكون وجهه اقتدائها في صلاة العصر بمن يصلي الظهر مع اعتقادها انها العصر فلا يدل على أحد الامرين صريحا ويزول المنع كراهة وتحريما مع الحائل بين الرجل والمرأة أو تباعد عشرة أذرع أو مع وقوع الصلاة منها خلفه قال الشارح الفاضل بحيث لا يحاذي جزء منها بجزء منه في جميع الأحوال ونحوه قال المدقق الشيخ علي وقال المحقق في المعتبر ولو كانت متأخرة عنه ولو بشبر أو مسقط الجسد أو غيره متشاغلة بالصلاة لم تمنع صلاته وقال المصنف في المنتهى لو صلت قدامة أو إلى أحد جانبيه وبينهما حائل أو بعد عشرة أذرع فما زاد لم تبطل صلاة واحد منهما اجماعا وكذا لو صلت متأخرة عنه ولو بشبر أو بقدر مسقط الجسد وفيه اشعار بنقل الايقاف عليه وظاهر الشيخ في التهذيب وتر (التحرير) حصول الاكتفاء بالشبر وهو أقرب قصرا للحكم المخالف للأصل والأدلة على موضع الوفاق ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن فضال عمن اخبره عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي والمراة بحذائه أو إلى جنبه فقال إذا كان سجودها مع ركوعه فلا باس ورواه الكليني في الصحيح عن ابن فضال عن ابن بكير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام وفي رواية عمار اشعار (بما ذكره) الشارح الفاضل والظاهر أنه لا خلاف في زوال المنع بتوسط الحائل أو بعد عشرة أذرع وقد حكى الاجماع عليه المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر وهو موافق للأصل
(٢٤٣)