بين الاخبار بوجهين أحدهما حمل الأخبار الدالة على الجواز على التقية لموافقتها لمذهب العامة ويحدثه ان مذهب العامة جواز الصلاة في جلود ما لا يؤكل لحمه مطلقا والمستفاد من أكثر الأخبار السابقة ثبوت الجواز في السنجاب ونفى ذلك عن غيره كالسمور أو الثعالب وأمثالهما وثانيهما حمل خبر المنع على الكراهة ولعل الثاني أرجح وترجيحا للاخبار الكثيرة المعتضدة بنقل الاجماع على مدلوله والأصل والاحتياط في الاجتناب عنه ثم على القول بالجواز انما يجوز الصلاة فيه مع تذكية لأنه ذو نفس قطعا قال في الذكرى وقد اشتهر بين التجار والمسافرين انه غير مذكى ولا عبرة بذلك حملا لتصرف المسلمين على ما هو الأغلب نعم لو علم ذلك حرم استعماله وهو حسن و يؤيده ما سنحققه من أضعف ما اشتهر من أن الأصل عدم التذكية ويؤكده ان متعلق الشهادة إذا كان غير محصور لا تسمع وكذا يجوز الصلاة في الممتزج بالحرير سواء كان الخليط أقل أو أكثر قال في المعتبر ولو كان عشرا ما لم يكن مستهلكا بحيث يصدق على الثوب انه إبريسم وهو مذهب علمائنا ويدل عليه مضافا إلى الأصل ويقيد الأخبار الدالة على التحريم بالمحض ما رواه الكليني في كتاب الزي والتجمل في باب لبس الحرير باسناد معتبر جدا عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في الثوب يكون فيه الحرير فقال إن كان فيه خلط فلا باس وفي الصحيح عن ابن أبي نصر قال سال الحسين بن قياما أبا الحسن عليه السلام عن الثوب (املحم) والقز والقطز (والقطن) القز أكثر من النصف أيصلي فيه قال لا باس قد كان لأبي الحسن عليه السلام منه جباب وما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن يونس (يوسف) بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالثوب ان يكون سداه وزره (وعله) حريرا وانما كره الحرير المبهم للرجال وما رواه في باب الزيادات في الصحيح عن فضيلة بن أيوب عن موسى بن بكر عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير مخلوط لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء والظاهر أنه لا يتقدر أقل الخليط بالعشر كما توهم ذلك عبارة المعتبر لأن الاعتبار بحصول الخليط بحيث لا يصدق عليه الحرير المحض ولا يعتبر في ذلك الحصول القدر المذكور وقال ابن إدريس في السرائر ولا باس بما كان ممزوجا بغير الإبريسم الذي يجوز الصلاة فيه سواء كان السدى أو اللحمة أو أقل أو أكثر بعد أن ينسب إليه بطريق الجزئية كعشر وتسع وثمن وسبع وأمثال ذلك والأصل ما ذكرناه ويحرم لبس الحرير المحض على الرجال باتفاق علماء الاسلام على ما قاله المصنف والمحقق وغيرهما ولا فرق في (بين) في حال الصلاة وغيرها ويدل على عموم التحريم في حال الصلاة وغيرها اخبار من طريق العامة والخاصة فمن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الفقيه عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام اني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي فلا تتختم بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة ولا تلبس (قرمن) فإنه من أردية إبليس ولا تركب بمشيرة حمراء فإنها من مراكب إبليس ولا تلبس الحرير فيحرف الله جلدك يوم تلقاه لم يطلق النبي صلى الله عليه وآله لبس الحرير لاحد من الرجال الا لعبد الرحمن بن عوف وذلك أنه كان رجلا قملا وما رواه الكليني في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يصلح لبس الحرير والديباج فاما بيعهما فلا باس ويدل على تحريم الصلاة فيه ما رواه الكليني والشيخ عنه في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب لا تحل الصلاة في حرير محض وما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال سألته يعني الرضا عليه السلام عن الثوب الإبريسم هل يصلي فيه الرجال قال لا إلى غير ذلك من الاخبار واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في ثوب ديباج فقال ما لم يكن فيه تماثيل فلا باس فما دل وحمله الشيخ على حال الضرورة أو على ديباج لم يكن حريرا محضا وذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة في الحرير المحض ونقل اجماعهم عليه المصنف والمحقق وغيرهما ولا فرق بين ان يكون ساترا أو غيره ونسب المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر عدم الفرق إلى المرتضى والشيخين واتباعهم لنا على البطلان مطلقا ان الصلاة فيه منهى كما تقدم والنهي في العبادة يستلزم الفساد قيل إما البطلان على تقدير كونه ساترا للعورة ظاهر لاستحالة اجتماع الواجب والحرام في شئ واحد وفيه نظر أشرنا إليه سابقا ثم ما ذكرنا من التحريم وبطلان الصلاة مخصوص بحال الاختيار إما في حال الضرورة كدفع الحر والبرد فلا بلا خلاف ونقل الاجماع عليه جماعة كثيرة وكذا في حال الحرب وان لم يكن ضرورة ونقل الاجماع عليه الشهيد في الذكرى ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول اخبار متعددة ما رواه الكليني في كتاب الزي من الكافي في الموثق عن ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يلبس الرجل الحرير والديباج الا في الحرب في الموثق عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير والديباج فقال إما في الحرب فلا باس وإن كان فيه تماثيل ورواه الشيخ أيضا وعن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلح للرجل ان يلبس الحرير الا في الحرب وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله رخص لبس الحرير لعبد الرحمن بن عرف (عوف) لدفع القمل قال المحقق قال الراوندي في الشرائع (الرائع) لم يرخص لبس الحرير لاحد الا لعبد الرحمن فإنه كان قملا والمشهور ان الترخيص لعبد الرحمن والزبير ويعلم من الترخيص لهما بطريق القمل جوازه لغيرهما بفحوى اللفظ ويقوى عند عدم التعدية وهو حسن ثم المعتبر في التحريم كون الثوب حريرا محضا كما بينا ولو خيط الحرير بغيره لم يخرج عن التحريم وأظهر في المنع ما لو كانت البطانة حريرا وحدها أو الظهارة واما الحشر بالإبريسم فقال المصنف لا يرفع التحريم خلافا للشافعي ونحوه قال المحقق في المعتبر ومال الشهيد في الذكرى إلى الجواز لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد قال قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسئله عن الصلاة في ثوب حشوه قز فكتب إليه قرأته لا باس بالصلاة فيه ونقل الشيخ بعد نقل هذا الخبر عن الصدوق ان المعنى في هذا الخبر قز الماقر دون (قز) الإبريسم قال المحقق والرواية ضعيفة لاستناد الراوي إلى ما وجده في كتاب لم يسمعه من محدث وأجاب الشهيد في الذكرى عن قول الصدوق بأنه خلاف الحقيقة الظاهرة وعن كلام المحقق بان اخبار الراوي بصيغة الجزم والمكاتبة المجزوم بها في قوة المشافهة مع أن الخاص مقدم على العام فلو قيل بالعمل برواية الحسين لم يكن بعيدا ويؤيده ما ذكره الصدوق في الفقيه انه كتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا هل يصلي فيه فكتب نعم لا باس به اورده الصدوق بصيغة الجزم أيضا انتهى كلامه وروى الكليني مكاتبة محمد بن إبراهيم أيضا باسناد ضعيف وبالجملة الظاهر أن القول بالتحريم ليس باجماعي وإن كان كلام الفاضلين مشعرا به حيث اطلقا القول به ونسبا المخالفة إلى العامة فإن لم يكن اجماعيا كان القول بالجواز متجها للروايتين المذكورتين مع اعتضادهما بالأصل وتعلق النهي في أكثر الروايات بالثوب الإبريسم وعدم صدقه على الحشو واما الزر إذا كان حريرا فالظاهر جوازه لرواية يوسف بن إبراهيم السابقة منضما إلى الأصل ويستفاد من فحوى الرواية المذكورة جواز الصلاة في الثوب إذا كان له ريح ديباج أو حرير محض وهو المنقول عن الشيخ رحمه الله واختاره المصنف استنادا إلى الأصل وكونه مما لا يتم الصلاة فيه منفردا وفي الأخير تأمل ومنعه ابن البراج استنادا إلى صدق الحرير عليه وأجاب المصنف بمنع التناول والمفهوم من النص اللباس الا التكة والقلنسوة هذا هو الأشهر وذهب إليه الشيخ وابن إدريس وأبو الصلاح واختاره جماعة من المتأخرين منهم المحقق والشهيدان والمنقول عن المفيد وابن بابويه وابن الجنيد عدم الاستثناء فظاهرهم المنع وقواه المصنف في المختصر وبالغ الصدوق في الفقيه فقال لا يجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم ولعل الثاني أقرب احتج الأقربون بما رواه الشيخ عن الحلبي في باب الزيادات عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال مالا تجوز الصلاة فيه وحده فلا باس الصلاة فيه مثل تكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزناد يكون في السراويل ويصلى فيه وفي الطريق علي بن هلال
(٢٢٧)