ولم نقف لهما على مأخذ والقياس عندنا باطل ولو أتم المقصر عالما بوجوب التقصير عامدا أعاد مطلقا سواء كان في الوقت أو خارجه والظاهر أنه متفق عليه بين الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه المصنف في التذكرة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح قالا قلنا لأبي جعفر (ع) رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرئت ولم يعلمها فلا إعادة عليه وقد مضى هذا في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقة في أوائل احكام المسافر ولا يبعد ان يقال عدم الصراحة في هذا الخبر غير قادح بعد الانضمام إلى عمل الأصحاب وعدم ظهور الخلاف بينهم واستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) صليت الظهر أربع ركعات وانا في سفر قال أعد و لا يخفى ان حمل هذا الخبر على العمد بعيد لبعد تعمد ذلك عن الحلبي والظاهر صدور ذلك عنه سهوا وحيث حكم فيه بالإعادة بعد خروج الوقت على ما هو ظاهر الحال صلح الخبر لان يحتج به القائل بوجوب الإعادة على الساهي مطلقا لكن الجمع بينها وبين ما سيجئ في حكم الساهي مع عدم صراحة دلالة الامر في اخبارنا على الوجوب يقتضي الحمل على الاستحباب ولو أتم المقصر ناسيا يعيد في الوقت خاصة على المشهور بين الأصحاب وذهب علي بن بابويه والشيخ في المبسوط إلى أنه يعيد مطلقا وذهب الصدوق في المقنع إلى أنه يعيد ان ذكر في يومه وان مضى اليوم فلا إعادة فمراده باليوم إن كان بياض النهار فقد وافق المشهور في الظهرين وأهمل أمر العشاء وإن كان مراده ذلك والليلة الماضية كان مخالفا في العشاء للمشهور لاقتضاء قضاءه العشاء في النهار وإن كان مراده ذلك والليلة المستقبلة خالف المشهور في الظهرين وفي العشاء أيضا الا على القول ببقاء وقتها إلى طلوع الصبح والأول أقرب لما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح على التحقيق قال سألته عن الرجل ينسى فيصلى في السفر أربع ركعات قال إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وان لم يذكر حتى يمضى اليوم فلا إعادة عليه والظاهر أن المراد باليوم بياض النهار وان حكم العشاء غير مستفاد من الرواية انما المستفاد منها حكم الظهرين وينسحب الحكم في العشاء بمعونة دعوى عدم القائل بالفصل لكن في اثباته اشكال وقد قررت سابقا ان اخبار أبي بصير معتمدة يصلح للتعويل والإضمار في مثل هذه الأخبار غير قادح فاندفع الاعتراض على هذه الرواية باستضعاف السند واجمال المتن لاهمال ذكر العشاء إن كان المراد باليوم بياض النهار ومخالفته للمشهور إن كان المراد به بياض النهار والليلة المستقبلة ولما رواه الشيخ عن العيص بن القسم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة قال إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا والحكم فيه غير مختص بالناسي بل يشمل العامد والجاهل لكنهما خرجا عنه بدليل منفصل فيبقى الحكم في الناسي سالما عن المعارض قال الشهيد في الذكرى ويتخرج على القول بان من زاد خامسة في الصلاة وكان قد فعل مقدار التشهد يسلم له الصلاة وصحة الصلاة هنا لان التشهد حائل بين ذلك وبين الزيادة وذكر الشارح الفاضل ان الزيادة من افراد تلك المسألة الا انه لا قائل بالصحة هنا مطلقا وكان ينبغي لمثبت تلك المسألة القول بها هنا ولا سبيل إلى التخلص من ذلك الا بأحد أمور إما القاء ذلك الحكم كما ذهب إليه أكثر الأصحاب أو القول باختصاصه بالزيادة على الرابعة كما هو مورد النص ولا يتعدى إلى الثنائية والثلاثية فلا يتحقق المعارضة هنا أو اختصاصه بزيادة ركعة لاغير كما ورد به النص هناك ولا يتعدى إلى الأزيد كما عداه بعض الأصحاب أو القول بان ذلك في غير المسافر جمعا بين الاخبار لكن يبقى سؤال الفرق مع اتحاد المحل وفي الحقيقة اتفاق الأصحاب هنا على الإعادة في الوقت يؤيد ما عليه الأكثر هناك من البطلان مطلقا انتهى كلامه وبعض أصحابنا المتأخرين ممن اختار تعميم الحكم هناك استضعف هذه الطرق في التخلص عن الاشكال وقال الذي يقتضيه النظر ان النسيان والزيادة ان حصلا بعد الفراغ من التشهد كانت هذه المسألة جزئية من جزئيات من زاد في صلاته ركعة فصاعدا بعد التشهد نسيانا وقد بينا ان الأصح ان ذلك غير مبطل للصلاة مطلقا لاستحباب التسليم وان حصل النسيان قبل ذلك بحيث أوقع الصلاة أو بعضها على وجه التمام اتجه القول بالإعادة في الوقت دون خارجه وعلى هذا التفصيل لابد من حمل النص الوارد هنا بالإعادة على القسم الثاني لكن اللفظ عام وإن كان أظهر افراده هذا فالحكم بالتخصيص لا يخلو عن اشكال مع أن اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يقتضي الإعادة على أن في القول بعموم الحكم في تلك المسألة تأملا قد مر في محله ولو أتم المقصر جاهلا بحكم وجوب التقصير لا يعيد مطلقا سواء كان في الوقت أو خارجه على المشهور بين الأصحاب وحكى عن ابن الجنيد وأبي الصلاح انهما أوجبا الإعادة في الوقت وعن ظاهر ابن أبي عقيل الإعادة مطلقا والأول أقرب لقوله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقة وان لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة ولعل مستند القائل بوجوب الإعادة في الوقت صحيحة العيص السابقة في المسألة المتقدمة والجواب ان حملها على الناسي يتعين عملا باعتبار قاعدة الجمع بين الاخبار واعلم أن الشهيد في الذكرى حكى ان السيد الرضي سال أخاه المرتضى رضي الله عنهما عن هذه المسألة فقال الاجماع ينعقد على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية وأجاب المرتضى بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور والظاهر أن مراده ان الأحكام الشرعية يختلف بحسب الأحوال والاعتبارات فيجوز ان يكون الحكم في حق الجاهل بوجوب التقصير في السفر وجوب الاتمام عليه نظرا إلى زعمه حيث يعتقد وجوب الاتمام وإن كان مقصرا غير معذور في تحصيل العلم بالمسألة والحكم وحينئذ فهو آت بالمأمور به في هذه الحالة فيكون مجزيا وهل الحكم مختص بالجاهل بوجوب التقصير من أصله أو ينسحب في الجاهل ببعض احكام السفر ككثير السفر المنقطع كثرة سفره بالإقامة إذا لم يعلم انقطاع الكثرة بذلك فصلى تماما والمصلي تماما في الموضع الذي يعتقده من الأماكن الأربعة ليس منها ونحو ذلك فيه وجهان نظرا إلى اختصاص النص بالأول والاشتراك في العذر وتوقف المصنف في النهاية والأوفق بالقواعد الأول ولو صلى من فرضه التمام قصرا جاهلا ففي الصحة وجهان فقيل بالبطلان لعدم تحقق الامتثال وقيل بالصحة وهو اختيار الشيخ نجيب الدين يحيى صاحب الجامع بناء على استحباب قصر الواجب وخفاء المسألة على العامة وروى الشيخ عن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أتيت بلدا وأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه جاهلا فليس عليه الإعادة وهو دال على الصحة في بعض صور وجوب الاتمام والعمل به حسن لصحته وخلوه عن المعارض لكن ينبغي الاقتصار على مدلول النص وعدم التعدي عنه إلى صور أخرى والقول بالبطلان فيها لعدم حصول الامتثال المقتضي لذلك والحق بعضهم بالجاهل ناسي الإقامة فحكم بأنه لا إعادة عليه أيضا وفيه خروج عن النصوص واعلم أنه قال بعض الأصحاب لو قصر المسافر اتفاقا أعاد قصرا قال في الذكرى فيه تفسيرات أحدها ان يكون غير عالم بوجوب القصر فإنه لو صلى صلاة يعتقد فسادها فيجب اعادتها قصرا وهكذا ذكره في المبسوط الثاني ان يعلم وجوب التقصير ولكن جهل بلوغ المسافة فقصر فاتفق بلوغ المسافة فإنه يعيد لأنه صلى قصرا مع أن فرضه التمام فيكون منهيا عنه فيعيد في الوقت قصرا إما إذا خرج الوقت فيحتمل قويا القضاء تماما لأنه قد كان فرضه التمام فليقضها كما فاتته ويحتمل القضاء قصرا لأنه مسافر في الحقيقة وانما منعه من القصر جهل المسافة وقد علمها وهذا مطرد فيما لو ترك المسافر الصلاة أو نسيها ولم يكن عالما بالمسافة ثم تبين المسافة بعد خروج الوقت كان في قضائها قصرا أو تماما الوجهين الثالث يعلم وجوب القصر وبلوغ المسافة ولكنه نوى الصلاة تماما نسيانا ثم سلم على ركعتين ناسيا ثم ذكر فإنه يعيد لمخالفته ما يجب عليه من ترك نية التمام وتكون الإعادة قصرا سواء كان الوقت باقيا أم لا لان فرضه القصر ظاهرا وباطنا ويحتمل قويا هنا أجزء الصلاة لان نية التمام لغو فالناسي غير مخاطب والتسليم وقع في محله انتهى كلام الذكرى ولو سافر بعد دخول الوقت قبل ان يصلى أتم اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب ابن أبي عقيل والصدوق إلى أنه يجب عليه الاتمام واختاره المصنف وذهب المفيد إلى أنه يجب عليه التقصير واختاره ابن إدريس ونقله عن السيد المرتضى في المصباح وهو اختيار علي بن بابويه وجماعة من الأصحاب منهم المحقق وذهب الشيخ في الخلاف إلى أنه يجوز له التقصير والأفضل الاتمام فهو قائل بالتخيير وقال الشيخ في النهاية يجب عليه الاتمام ان بقى من الوقت مقدار ما يصلى فيه على التمام فان تضيق الوقت قصر وبه قال في موضع من المبسوط وبه قال ابن البراج وهو اختيار الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار والذي وصل إلي في هذا الباب روايات الأولى ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) يدخل علي وقت الصلاة وانا في السفر فلا أصلي حتى ادخل أهلي فقال صل فأتم الصلاة قلت فدخل علي وقت الصلاة وانا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى اخرج فقال فصل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت الله ورسول الله (ع) الثانية ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق فقال يصلى ركعتين وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا الثالثة ما رواه الكليني والشيخ بأسانيد متعددة عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يريد السفر متى يقصر
(٤١٤)