الاشراف بعد الأفقه الذي هو بعد الأقراء والظاهر أنه الأشرف نسبا وتبعه ابن البراج في تقديم الهاشمي وجعل أبو الصلاح بعد الأفقه القرشي وابن زهرة جعل الهاشمي بعد الأفقه وابن حمزة جعل الأشرف بعد الأفقه اطلق الفاضلان ترجيح الهاشمي وكثير من أصحابنا لم يذكروا الشرف واستدل المصنف في المنتهى على اعتباره بان الهاشمي أفضل من غيره وتقديم المفضول قبيح عقلا قال الشهيد في الذكرى ونحن لم نره مذكورا في الاخبار الا ما روى مرسلا أو مسندا بطريق غير معلوم من قول النبي صلى الله عليه وآله قدموا قريشا ولا تقدموها وهو على تقدير تسليمه غير صريح في المدعى نعم هو مشهور في التقديم في صلاة الجنازة كما سبق من غير رواية يدل عليه نعم فيه اكرام لرسول الله صلى الله عليه وآله إذ تقديمه لأجله نوع اكرام واكرام رسول الله (ص) وتبجيله مما لاخفاء بأولويته ويقدم الأقرأ مع التشاح قالوا إذا تشاح الأئمة فلا يخلو إما ان يتفق المأمومون على امامة بعض الأئمة واما ان يكرهوا جميعا امامة بعضهم واما ان يختلفوا فان اتفقوا جميعا على امامة واحد فهو أولي لما فيه من اجتماع القلوب وايتلاف النفوس وفيه اشكال وان كرهوا جميعا امامة واحد لم يؤم بهم لقوله (ع) ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة أحدهم من تقدم قوما وهم له كارهون وقال المصنف في التذكرة والأقرب انه إن كان ذا دين فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته والاثم على من كرهه وان اختلف المأمومون فقد اطلق أكثر الأصحاب الترجيح بالقراءة والفقه وغيرهما من المرجحات وفي التذكرة انه يقدم اختيار الأكثر وان تساووا طلب الترجيح ورواية أبي عبيدة يدل على الأول وذكر غير واحد من الأصحاب انه ليس للمأمومين ان يقتسموا الأئمة فيصلي كل قوم خلف من يختارونه لما فيه من الاختلاف المثير للاخر واعلم أن أكثر الأصحاب على أن الأقرأ أولي من الأفقه وذهب بعضهم إلى أن الأفقه أولي وذهب بعضهم إلى التخيير حجة الأول ما روى من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله يؤم القوم اقراءهم بكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فان كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ومن طريق الخاصة ما روى عن الصادق (ع) باسناد ضعيف ان النبي صلى الله عليه وآله قال يتقدم القوم أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في هجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا يتقدمن أحد كم الرجل في منزله ولاصاحب سلطان في سلطانه وحجة الثاني ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق الخاصة من أم قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة وأيد بان الحاجة إلى الفقه في تمام الصلاة بخلاف القراءة وقد يجاب عن حجة الأول بان المراد بالأقراء الأفقه لان المتعارف كان في زمانه صلى الله عليه وآله انهم إذا تعلموا القران تعلموا احكامه قال ابن مسعود كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها واطلاق القاري على العالم باحكام الشريعة غير عزيز في الصدر الأول واعترض عليه بان جعل الأعلم بالسنة مرتبة بعد الأقراء صريح في امكان انفكاك القراءة عن العلم بالسنة وتعلم احكام القران غير كاف في الفقه إذ معظمه ثبت بالسنة وبان فيه عدولا عن ظاهر اللفظ وقد يقال لابد من الحمل على هذا المعنى جمعا بين الروايات وفيه انه لا يمكن حمل الأقرأ على الأفقه لذكر الأعلم بالسنة والأفقه في الدين مرتبا بعده ولا يبعد ان يقال إنه يجوز ان يكون المراد بالأقرأ الأعرف بمعاني القران واحكامه واطلاق القاري على العارف باحكام القران كان معروفا ويؤيده ما دل من النصوص على أنه لا خير في قرائة ليس فيها تدبر والترجيح بالأفقهية بعد التساوي في الأقرأية بهذا المعنى باعتبار العلم بالسنن وغيرها بل حمل الأقرأ في الخبر الأول عن غير هذا المعنى مستبعد إذ يستلزم النظر إلى الترجيح باعتبار الأعلمية بالسنة وعدم ملاحظة ترجيح العلم بفرائض القران واحكامه أصلا فلا يبعد ان يكون هذا الخبر عند اعتباره قرينة على إرادة هذا المعنى في الخبر الثاني أيضا ثم لا يخفى ان الروايتين ضعيفتان والأولى منهما عامي لا يصلح للاستناد إليه والثانية داله على تقديم الاسن على الأفقه والقول به غير معروف بين الأصحاب نسبه في البيان إلى بعض الأصحاب فالتعويل عليه مشكل والمتجه ترجيح الأعلم باحكام الدين للخبر السابق وما رواه الأصحاب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال امام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم ويؤيده قوله (ع) ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم مضافا إلى الآيات والأخبار الدالة على كمال فضل العلماء وجلالة اقدارهم وكونهم بمنزلة أنبياء بني إسرائيل وكونهم ورثة الأنبياء وكون عالم أفضل من سبعين الف عابد وكون فضله على غيره كفضل النبي صلى الله عليه وآله وكونهم أفضل من الزهاد والعباد والشهداء قال الله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ففيه تصريح بترجيح العلماء وتفضيلهم والظاهر أن الفضل يتفاضل بازدياد العلم وقال الله تعالى يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقا ل تعالى أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فمالكم كيف تحكمون ويقويه قوله تعالى ان الله اصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم واحتجاج الله تعالى على الملائكة في تفضيله (ع) ادم على الملائكة وجعله خليفة بكونه اعلم منهم وقول علي بن الحسين (ع) ان الله تعالى اوحى إلى دانيال ان أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف باهل العلم التارك للاقتداء بهم وان أحب عبيدي إلي التقي الطالب الثواب الجزيل اللازم للعلماء التابع للحلماء القائل عن الحكماء مع اعتضاد ذلك بحكم العقل يعد تقديم المفضول قبيحا ولا يزال؟ استهجان الشيعة قديما وحديثا قول المخالفين بجواز تقديم المفضول على الفاضل فاذن يتجه القول بترجيح الأفقه كما مال إليه غير واحد من أصحابنا المتأخرين واعلم أن المراد بالأقرأ على ما فسره جماعة من الأصحاب هو الأجود قراءة واتقانا للحروف وأشد اخراجا لها عن مخارجها وضم بعضهم إلى الأمور المذكورة الأعرف بالأصول والقواعد المقررة بين القراء ويفسر أيضا بالأعرف بمرجحات القراءة لفظا ومعنى ويجوز ان يكون المراد أكثر قرانا ونسبه في البيان إلى الرواية فيحتمل ان يكون المراد أكثر قرائة للقران ويحتمل ان يكون المراد أكثر حفظا للقران ويجوز ان يكون المراد الأجود بحسب طلاقة اللسان وحسن الصوت وجودة التنطق الا ان هذين الاحتمالين غير مذكور في كلامهم وذكر غير واحد من الأصحاب انهما لو تساويا في جودة القراءة قدم أكثرهما حفظا للقران فالأفقه هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأسن فالأفقه كما هو مدلول الرواية المنقولة عن الصادق (ع) وذهب بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأفقه وذكر غير واحد منهم ان المراد الأفقه باحكام الصلاة فان تساويا فيه واحدهما زاد بفقه في غير الصلاة قيل بترجيحه وقيل بنفي الترجيح والأول أولي فالاقدم هجرة هذا هو المشهور بين المتأخرين واليه ذهب الشيخ في النهاية وقدم الشيخ بعد الأفقه الأشرف ثم الأقدم هجرة وقدم المرتضى الاسن بعد الأفقه ولم يذكر الهجرة والمراد بالهجرة السبق من دار الحرب إلى دار الاسلام وقال المصنف في التذكرة المراد بالأقدم هجرة سبق الاسلام أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته ونقل في الذكرى عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ان المراد التقدم في العلم قبل الأخر وفي الذكرى وربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار لأنها تقابل البادية مسكن الاعراب لان أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة والكمال فيها ولا يخفى ان المفهوم من النص المعنى الأول فالأسن اي الأكبر بحسب السن وفي الذكرى وغيره ان المراد علو السن في الاسلام ونقل عن الشيخ في المبسوط وهو خلاف المتبادر من النص فالأصبح ذكر ذلك ابنا بابويه والشيخان وجماعة منهم سلار وابن البراج والمحقق في الشرايع والمصنف في عدة من كتبه وقال المرتضى وابن إدريس وقد روى إذا تساووا فأصبحهم وجها وقال في المعتبر لا أرى لهذا اثر في الأولوية ولا وجها في شرف الرجال وعلل المصنف في المختلف ما اختاره بان في حسن الوجه دلالة على عناية الله به ونقل المصنف في التذكرة عن العامة تفسيرين أحدهما انه الأحسن صورة لان ذلك فضيلة كالنسب والثاني انه الأحسن ذكرا بين الناس قال والأخير أحسن قال في الذكرى ويمكن ان يحتج عليه بقول أمير المؤمنين عليه السلام في عهد الأشتر رضي الله عنه وانما يستدل على الصالحين بما يجري على السن عباده قال المصنف في التذكرة فان استووا في ذلك كله قدم أشرفهم اي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا فان استووا في هذه الخصال قدم اتقاهم وأورعهم لأنه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة ثم قال والأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف لان شرف الدين خير من شرف الدنيا فان استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة لانهم اقرعوا في الاذان في عهد الصحابة فالامام أولي قال في الذكرى ولو علل بالاخبار العامة في القرعة كان حسنا واحتمل الشهيد في الذكرى تقديم الأورع على المراتب التي بعد القراءة والفقه وهو غير بعيد والمراد بالورع الفقه وحسن السيرة وهو مرتبة وراء العدالة تبعث على ترك المكروهات
(٣٩١)