علماؤنا وحكى الشهيد في الذكرى عن بعض الأصحاب ممن صنف في المضايقة والمواسعة القول بالاستحباب احتجوا على الأول بقول النبي صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته، وجه الاستدلال انه يجب الترتيب في الأداء فكذا في القضاء وبما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك صلوات فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة ويرد على الأول ان صحة الرواية غير ثابتة والظاهر أنها من طريق العامة سلمنا لكن اقتضاء التشبيه المماثلة من جميع الجهات بحيث يشمل مثل هذه الأوصاف الاعتبارية غير واضح سلمنا لكن المراد اعتبار كل وصف معتبر في ماهية الصلاة لا مطلقا والترتيب ليس بمعتبر في مهية الصلاة فإنه لو صلى على غير الترتيب سهوا صحت صلاته سلمنا لكن لا يجب الترتيب في الأداء إذا فاته السابق سهوا بناء على ما اخترناه من القول بالمواسعة فلا ينهض هذه الدليل حجة على عموم الدعوى سلمنا لكن المعتبر في الأداء تأخر بعض الصلوات عن صلاة أخرى حاضرة وقضاء غيرها فرعاية المماثلة في قضاء اللاحقة لا يقتضي تأخرها عن قضاء الصلاة السابقة ويرد على الثاني ان الامر في اخبارنا غير واضح الدلالة على الوجوب سيما مع معارضته بالاخبار المطلقة الا ان يستعان في ذلك بالشهرة بين الأصحاب وبالجملة للتوقف في هذه المسألة طريق وطريق الاحتياط رعاية الترتيب ولو جهل ترتيب الفوائت فالأصح سقوطه وبه قطع المصنف في التحرير وولده في الشرح واليه ذهب جماعة من المتأخرين منهم الشهيدان وهو ظاهر المصنف في القواعد وقيل بالوجوب واختاره المصنف هنا واستقرب الشهيد في الذكرى وجوب تقديم ما ظن سبقه وأوجب في الدروس التقديم بحسب الظن والوهم فان انتفينا صلى كيف شاء لنا اطلاق الأدلة وصدق الامتثال وأصالة البراءة من الزائد ويؤيده حصول العسر والضيق في كثير من الصور فينسحب الحكم في الجميع إذ الظاهر عدم القائل بالفصل وقد يستدل عليه أيضا بوجوه ضعيفة منها قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وقوله (ع) الناس في سعة ما لم يعلموا ومنها ان التكليف مع عدم العلم تكليف (بالمح) احتج القائل بوجوب الترتيب بقوله (ع) فليقضها كما فاتته ويرد عليه ما مر مع أن اعتبار المماثلة يقتضي عدم الزيادة في القضاء لاعتبار ذلك في الأداء فيلزم منه عدم الترتيب مع أنه لو سلم فهم الترتيب منها كان شمولها لغير صورة العلم بالترتيب غير واضح واما ما دل على الترتيب من الاخبار المنقولة من طرقنا فمخصوص بصورة العلم فلا يدل على غيرها وعلى القول بالترتيب يكرر حتى يحصل الترتيب فيصلي الظهر قبل العصر وبعدها وبالعكس لو فاتتا اي الظهر والعصر من يومين ولم يعلم السابق لان زيادة الواحدة طريق إلى تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف بالترتيب ولو فاته مغرب يوم ثالث واشتبه أيضا صلى تلك الثلاث قبل المغرب وبعدها فيحصل غرض الترتيب بسبع فرائض وينطق على الاحتمالات الستة الممكنة في الفرض المذكور ولو فاته مع ذلك عشاء من يوم رابع صلى تلك السبعة قبل العشاء وبعدها فيحصل الترتيب بخمس عشرة فريضة وينطبق على جميع الاحتمالات الممكنة وهي أربعة وعشرون ولو أضيف إلى ذلك صبح صلى الخمسة عشر قبل الصبح وبعدها فيحصل الترتيب بإحدى وثلاثين فريضة وينطبق على الاحتمالات الممكنة وهي مائة وعشرون وعلى هذا القياس ويمكن حصول الترتيب بوجه أخصر وأسهل وهو ان يصلي الفوائت المذكورة بأي ترتيب أراد ويكررها كذلك ناقصة عن عدد ما فاته من الصلاة بواحدة ثم يختم بما بدأ به فيصلي في الفرض الأول الظهر والعصر ثم الظهر أو بالعكس وفي الثاني الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم يكرره مرة أخرى ثم يصلي الظهر وفي هذين لافرق بين الضابطتين من حيث العدد وفي الثالث يصلي الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم (العصر) ثم يكررها مرتين ثم يصلي الظهر فيحصل الترتيب بثلاث عشرة فريضة ومقتضى الضابطة السابقة حصول الترتيب بخمس عشرة وعلى هذا القياس في غيرها من الصور ولو فاته صلوات قصر واتمام كخمس فرائض مثلا فيها قصر وتمام لا يعلم عينه وجب عليه ان يصلي مع كل رباعية صلاة سفر لو نسى ترتيبه اي ترتيب الفائتة سواء علم اتحاد أحدهما أو تعدده لتوقف البراءة على ذلك وهذا مبني على القول بوجوب الترتيب ويستحب قضاء النوافل الموقتة ولا يتأكد فائت المرض المستند في ذلك اخبار منها ما رواه الكليني والشيخ عن مرازم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله (ع) فقال أصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال له اقضها فقال له انها أكثر من ذلك قال اقضها قال لا أحصيها قال نوح وقال مرازم وكنت مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها فقلت أصلحك الله أو جعلت فداك اني مرضت أربعة أشهر لم أصل فيها نافلة فقال ليس عليك قضاء ان المريض (ليس) كالصحيح كلما غلب الله عليه فالله أولي بالعذر فيه وقوله (ع) ليس عليك قضاء محمول على نفي تأكد الاستحباب لما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن قال قلت له رجل مرض فترك النافلة فقال يا محمد ليست بفريضة ان قضاها فهو خير يفعله وان لم يفعل فلا شئ عليه ويتصدق عن كل ركعتين بمد فان عجز فعن كل يوم استحبابا لما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت اخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل مالا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع قال فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر علمه بذلك ثم قال قلت له فإنه لا يقدر على القضاء فقال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقى الله وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله قلت فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزي ان يتصدق فسكت مليا ثم قال فليتصدق بصدقه قلت فما يتصدق قال بقدر طوله وادنى ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة قلت وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين قال لكل ركعتين من صلاة الليل ولكل ركعتين من صلاة النهار مد فقلت لا يقدر فقال مد اذن لكل أربع ركعات من صلاة النهار فقلت لا يقدر قال فمد اذن لصلاة الليل ومد لصلاة النهار والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل وقريب منه روى الشيخ عن إبراهيم بن عبد الله بن سام عن أبي عبد الله (ع) والتفصيل المذكور في الرواية غير منطبق على ما ذكره المصنف والصق العمل بمدلول الرواية وينبغي لنا ان نلحق بهذا المقام ما يتعلق بقضاء الصلاة عن الميت ولنورد أولا الاخبار المتعلقة بذلك ثم نشتغل بالبحث وانما تقتصر على ما اورده السيد الجليل (رضي الدين) نصر الدين علي بن طاوس الحسيني (ره) في كتابه المسمى غياث سلطان الورى لسكان الثرى وقصد به بيان قضاء الصلاة عن الأموات وانه قد بلغ الغاية في ذلك وقد نقلها الشهيد في الذكرى عن الكتاب المذكور الحديث الأول رواه الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه ان الصادق (ع) سأل عمر بن يزيد أيصلى عن الميت فقال نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يأتي فيقال له خفف عنك ذلك الضيق لصلاة فلان أخيك عنك الثاني ما رواه علي بن جعفر في مسائله عن أخيه موسى (ع) قال حدثني أخي موسى بن جعفر (ع) قال سالت أبي جعفر بن محمد (ع) عن الرجل هل يصلح له ان يصلي أو يصوم عن بعض موتاه فقال نعم فيصلي ما أحب ويجعل تلك للميت فهو للميت إذا جعل ذلك له الثالث من مسائله أيضا عن أخيه موسى (ع) وسأله عن الرجل هل يصلح ان يصلي أو يصوم عن بعض أهله بعد موته فقال نعم يصلي ما أحب ويجعل ذلك للميت فهو للميت إذا جعله له الرابع ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناد إلى محمد بن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) يصلي عن الميت فقال نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك ثم يؤتى فيقال له خفف عنك هذا الضيق لصلاة فلان أخيك الخامس ما رواه باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي من كتاب أصله المروي عن الصادق (ع) وعن الرجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه (صو) هل يجوز له ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه الا رجل مسلم عارف السادس ما رواه الشيخ أيضا باسناده إلى محمد بن أبي عمير عن رجاله عن الصادق ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضيه أولي الناس السابع ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده إلى ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضي عنه أولي الناس به الثامن هذا الحديث بعينه عن حفص بطريق اخر إلى كتابه هو الذي من الأصول التاسع ما روى في أصل هشام بن سالم عن رجال الصادق (ع) والكاظم (ع) ويروى عنه عن ابن أبي عمير قال هشام في كتابه وعنه (ع) قال قلت يصل إلى الميت الدعاء والصدقة والصلاة ونحو هذا قال نعم لو يعلم من صنع ذلك به قال نعم ثم قال يكون مسخوطا عليه فيرضى عنه العاشر ما رواه علي بن أبي حمزة في أصله وهو من رجال الصادق (ع) والكاظم (ع) أيضا قال وسالت عن الرجل
(٣٨٥)