مخالفة قضيتين من هذه إحديهما البناء والاخرى الصلاة في المشاهد المقدسة فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد وبعضها ضعيف الاسناد وقد عارضها اخبار منها وقال ابن الجنيد لا بأس بالبناء عليه وضرب الفسطاس لصوته ومن يزوره أو يخصص هذه العمومات باجماعهم في عهود كانت الأئمة ظاهرة فبهم وبعدهم من غير نكير والأخبار الدالة على تعظيم قبورهم وعماراتها وأفضلية الصلاة عندها وهي كثيرة ونقل نبذة من الأخبار الواردة في هذا الباب ثم قال ومع ذلك فقبر رسول الله صلى الله عليه وآله مبني عليه في أكثر الاعصار ولم ينقل عن أحد من السلف انكاره بل جعلوه انسب لتعظيمه انتهى وهو حسن وقد مر في باب المكان تحقيق الصلاة إلى قبورهم (ع) والمشهور بين الأصحاب كراهة القعود على القبر كما يعلم من الأخبار السابقة وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق العامة لان يجلس أحدكم على جمر فيحرق ثيابه فتصل النار إلى يديه أحب إلي من أن يجلس على قبر وهذا مبالغة تامة في الزجر والنقل الا إلى أحد المشاهد إما كراهة نقل الميت إلى غير بلد موته من غير مشاهد المشرفة فقد نقل المحقق في المعتبر والمصنف في التذكرة اجماع العلماء عليه واستدل عليه بقول النبي صلى الله عليه وآله عجلوهم إلى مضاجعهم واما جواز النقل إلى أحد المشاهد المشرفة بل استحبابه فقال في المعتبر انه مذهب علمائنا خاصة قال وعليه على الأصحاب من زمن الأئمة إلى الان وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه ولأنه يقصد بذلك التمسك بمن له أهلية الشفاعة وهو حسن في الأحباء توصلا إلى فوائد الدنيا فالتوصل إلى فوائد الآخرة أولي ونقل عمل الامامية واجماعهم على ذلك في التذكرة والذكرى وغيرهما قال في الذكرى ولو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحب النقل إليها أيضا لتناله بركتهم ولا باس به قال الشارح الفاضل ويجب تقييده بما إذا لم يخف هتك الميت بانفجاره ونحوه لبعد المسافة أو غيرها وهو غير بعيد وقال أيضا هذا كله في غير الشهيد فان الأولى دفنه حيث قتل لقوله صلى الله عليه وآله ادفنوا القتلى في مصارعهم ودفن ميتين في قبر واحد لقوله (ع) لا يدفن في قبر واحد اثنان نقله الشيخ في المبسوط مرسلا ومع الضرورة تزول الكراهة لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال للأنصار يوم أحد احفروا واوسعوا وعمقوا واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد هذا في الدفن ابتداء وأما إذا أريد نبش قبر ميت ودفن اخر فيه فقال في النهاية بالكراهة أيضا وقيل بالتحريم لتحريم النبش ولان القبر صار حقا للأول يدفنه فيه وفيه نظر إما الأول فلان الظاهر كما سيجئ ان مستند تحريم النبش الاجماع واجرائه في محل النزاع مما لا وجه له ثم لو سلم تحريم النبش حينئذ لا يلزم تحريم الدفن بعده واما الثاني فلمنع ثبوت الحقيقة المذكورة هذا كله في غير السرب إما فيه فيجوز مطلقا اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على مورد النص والاتفاق والاستناد إلى القبر والمشي عليه قال الشيخ في الخلاف انه قول العلماء أجمع ونقله في المعتبر أيضا عن العلماء واحتج عليه الشيخ بقوله (ع) لان يجلس أحدكم إلى جمر إلى اخر الحديث المذكور عند شرح قول المصنف وتجديد القبور وبقول الكاظم (ع) ولا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس ويرد عليه اختصاص الروايتين بالجلوس فلا تعم الاستناد والمشي وقد روى الصدوق في الفقيه مرسلا عن الكاظم (ع) أنه قال إذا دخلت المقابر فطأ القبور فمن كان مؤمنا استروح روحه ومن كان منافقا وجد المه ولا معارض له قال في الذكرى ويمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى قبر الا بالمشي على اخر أو يقال تختص الكراهية بالقعود لما فيه من اللبث المنافي للتعظيم وفي الأولى بعد وربما يحمل على الداخل للزيارة والمراد حينئذ بوطئها كثرة التردد بينها للزيارة وعدم الاقتصار على زيارتها اجمالا على طريق الكناية ولا يخلو عن بعد ويحرم نبش القبر والظاهر أنه اجماعي بين العلماء نقل اجماعهم جماعة والاستدلال بان فيه المثلة بالميت والانتهاك لحرمة لا يخلو عن ضعف واستثنى عن النبش المحرم مواضع منها إذا وقع في القبر ماله قيمة فإنه يجوز نبشه لاخذه صيانة للمال عن الإضاعة ومنها إذا غصب ارض ودفن فيها فللمالك قلعه وكذا لو كفن في الثوب المغصوب وقال في المنتهى للمالك قلعه واخذ كفنه بل يجب عليه اخذ القيمة ومنها نبشه للشهادة على عينه لقسمه ميراثه أو اعتداد زوجته ومنها ان يصير الميت رميما فإنه يجوز نبشه لدفن غيره أو لمصلحة المالك المعير فلو نبشه لظنه ذلك فظهر بقاؤه وجب دفنه وإذا دفن في الأرض ثم بيعت قال الشيخ في المبسوط جاز للمشتري نقل الميت منها والأفضل تركه ورده الفاضل (الفاضلان خ ل) بتحريم النبش وفيه تأمل لان التعويل في تحريمه على الاجماع وهو لا يتم في محل النزاع ولو دفن بغير غسل قال الشيخ في الخلاف لا ينبش واختاره المحقق في المعتبر واختار المصنف في المنتهى والتذكرة النبش وهو أقرب ولو دفن إلى غير القبلة فالظاهر النبش كما اختاره المصنف في التذكرة ولو دفن بغير صلاة فالظاهر عدم النبش لمكان الصلاة على قبره ولو دفن بغير كفن فالذي صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف في التذكرة عدم النبش لحصول الستر بالدفن وربما ينقل عن المصنف النبش ولعله أقرب ولو كفن في حرير فالظاهر أنه كالمغصوب ولو ابتلع حيا جواهرا وماله قيمة ثم مات فهل يشق جوفه فيه وجهان أحدهما لا ورجحه الشيخ في الخلاف سواء كان له أو لغيره لقول النبي صلى الله عليه وآله حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا وثانيهما نعم توسلا إلى استيفاء المال ومراعاة حرمة الحي قال في الذكرى ويحتمل تقييده بعدم ضمان الوارث جمعا بين الحرمتين لو ضمنه وعليه يتفرع النبش قال ويمكن الفرق بين ماله وبين مال غيره لأنه استهلك مال نفسه بابتلاعه فهو كما لو أتلفه في حياته ومهما قلنا بعدم النبش يؤخذ من تركته إذا كان لغيره لأنه أتلفه في حياته إما لو بلى وانتفت المثلة جاز النبش لاخراجه لزوال المانع ولو أوصى بدفن خاتم معه وشبهه مما يتبرك به ففي اجابته وجهان من إضاعة المال ومن تسلطه على ماله فيجري مجرى الوصية به لغيره وحينئذ يعتبر الثلث أو الإجازة ولو لم يكن فيه غرض لم يجز لكونه اتلافا محضا ويحرم نقل الميت بعد دفنه هذا قول أكثر الأصحاب قال ابن إدريس لا يجوز نقله وهو بدعة في شريعة الاسلام سواء كان النقل إلى مشهد أو غيره وقال الشيخ في النهاية وقد وردت رواية بجواز نقله إلى بعض مشاهد الأئمة سمعناها مذاكرة والأصل ما قدمناه وقال في المبسوط بعد الإشارة إلى ورود الرواية المذكورة وانهم سمعوها مذاكرة والأول أفضل وهو دال على اختيار الجواز وأسنده المصنف في التذكرة إلى بعض علمائنا وجعله ابن حمزة مكروها وقال ابن الجنيد ولا باس بتحويل الموتى من الأرض المغصوبة ولصلاح يراد بالميت واحتج المانعون بتوقفه على النبش المحرم واستلزامه الهتك المحرم ويرد على الأول منع حرمة النبش في الصورة المذكورة لان التعويل في هذا الباب على الاجماع كما عرفت واثباته ههنا محل اشكال وعلى تقدير تسليم تحريم النبش ههنا لكنه لا يستلزم تحريم النقل بعد تحقق النبش مع أنه قد يتحقق بغير فعل المكلف أو بفعله خطأ أو نسيانا وعلى الثاني منع الاستلزام المذكور ومن هنا يعلم أن القول بالجواز أقرب للأصل السالم عن المعارض وروى الصدوق عن الصادق (ع) ان موسى (ع) استخرج عظام يوسف (ع) من شاطئ النيل وحمله إلى الشام قيل وهذا يومي إلى الجواز لان الصادق (ع) (من) تقريره له كحديث ذكرى حسن على كل مال (حال) ولا دلالة في هذا الخبر على المدعا لان ذلك حكاية فعل في زمان سابق في مادة خاصة فلا دلالة فيه على عموم الأزمان والاشخاص وحديث التقرير لاوجه له والقياس على حديث الذكر ضعيف للتصريح بالعموم هناك وشق الثوب على غير الأب والأخ اطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الرجل والمرأة وقيل بجواز ذلك للنساء مطلقا والأول أشهر ويعلل بان فيه إضاعة المال والسخط لقضاء الله وفيه تأمل وعلى استثناء الأب والاخر أكثر الأصحاب وذهب ابن إدريس إلى عموم التحريم ويعلل الأول بان العسكري (ع) شق ثوبه على الهادي وفعل الفاطميات على الحسين قال في الذكرى روى فعل الفاطميات أحمد بن محمد بن داود عن خالد بن سدير عن الباقر وسأله عن شق الرجل ثوبه على أبيه وامه وأخيه أو على قريب له فقال لا بأس بشق الجيوب قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون ولا يشق الوالد على ولده ولا زوج على امرأته ويشق الامرأة على زوجها (انتهى) وقال فيه أيضا وروى الحسن الصيقل وعن الصادق (ع) لا ينبغي الصياح على الميت ولا شق الثياب وظاهره الكراهية انتهى وروى هذا الخبر في الكافي عن امرأة الحسن الصيقل ولعل في الذكرى خطأ وفي الذكرى يحرم اللطم والخدش وجز الشعر اجماعا قاله في المبسوط ونقل الشهيد بعض الأخبار الدالة عليه وينبغي لصاحب المصيبة تغيير وضعه ليعرف انه صاحب مصيبة لما رواه ابن بابويه عن أبي بصير عن الصادق (ع)
(٣٤٤)