ولا يحتاج إلى استيناف التكبير وقد صرح المحقق بأنه مخير بين الاتيان بالتشهد وعدمه واستدل عليه بما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يدرك الامام وهو قاعد يتشهد وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه قال لا يتقدم الامام ولا يتأخر الرجل ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام فإذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته ويدل عليه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله السابقة ويعارضه ما رواه الشيخ عن عمار أيضا في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أدرك الامام وهو جالس بعد الركعتين قال يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الامام حتى يقوم وما رواه عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت له متى يكون يدرك الصلاة مع الامام (قال إذا أدرك الامام) وهو في السجدة الأخيرة من صلاته واعلم أن الظاهر من جواز الدخول معه في التشهد ادراك فضيلة الجماعة وقد صرح به بعض الأصحاب لكن صرح المصنف في التذكرة بخلافه فقال بعد حكمه بجواز الدخول مع الامام بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة والأقرب انه لا يحصل فضيلة الجماعة فيما إذا أدركه بعد رفع رأسه من الركوع الأخير ويحتمل الادراك لصحيحه محمد بن مسلم السابقة ويجوز الانفراد مع نية الظاهر أنه لا يجوز للمأموم مفارقة الامام بدون نية الانفراد لغير عذر عند الأصحاب واستدل عليه بالتأسي وبما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انما جعل الامام إماما ليؤتم به وفي الوجهين نظر نعم يمكن ان يقال الصلاة عبادة تحتاج إلى توقيف الشرع وليس هناك ما يدل على شرعيتها بهذا الوجه ولا ريب في جواز مفارقته عن الامام لعذر واما بدون العذر مع نية الانفراد فالمشهور بين الأصحاب جوازه ونقل المصنف في النهاية الاجماع عليه وهو ظاهر المنتهى وقال الشيخ في (المبسوط) من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته وان فارقه لعذر وتمم صحت صلاته اجتح الأولون بان النبي صلى الله عليه وآله صلى بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت منفردة وبان الجماعة ليست واجبة ابتداء فكذا استدامة وبان العرض من الائتمام تحصيل الفضيلة فيكون تركها مفوتا (لها) دون الصحة وبما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شئ ان يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يسلم وينصرف ويدع الامام وبما سيجئ من الأخبار الدالة على جواز التسليم قبل الامام ويرد على الأول انه مختص بصورة العذر ولا نزاع فيه وعلى الثاني ان الحاق حكم الاستدامة بحكم الابتداء قياس لا نقول به وعلى الثالث انه يجوز ان يكون ترك الائتمام في الابتداء مفوتا للفضيلة وفي الأثناء مفوتا للصحة وبالجملة انما نسلم كونه (مفوتا) مقيدا للفضيلة فقط في الابتداء لا مطلقا وعلى (عن) الروايات بالقول بالموجب وقصر الحكم على مورد النص احتج الشيخ على ما نقل عنه بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم وقوله (ع) انما جعل الامام إماما ليؤتم به وفيهما تأمل وقال بعض المتأخرين ويمكن ان يحتج له بأصالة عدم سقوط القراءة الا مع العلم بالمسقط وانما يعلم مع استمرار القدوة لامع المفارقة فيجب قصر الحكم عليه إلى أن يقوم على السقوط مع المفارقة دليل وفيه نظر لان غاية ما يستفاد من الأدلة الدالة على وجوب القراءة وجوب الاتيان بها إما من المصلى أو امامه وهو حاصل ههنا والتمسك بالأصل في وحوب القراءة ضعيف نعم يمكن ان يقال لا دليل على صحة الصلاة على هذا الوجه فيكون حصول الامتثال بها مشكوكا فيجب استدامة الايتمام تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت فظهر ان قول الشيخ له قوة ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) انه سأل عن امام أحدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم قال لا صلاة لهم الا بامام والمسألة محل تردد والاحتياط في قول الشيخ والقول بجواز الانفراد يختص بالجماعة المستحبة إما في الجماعة الواجبة فلا يجوز الانفراد وهل يجوز عدول المنفرد إلى الائتمام في أثناء الصلاة فيه قولان أقربهما العدم لعدم ثبوت التعبد بمثله وجوزه الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الاجماع ونفى عنه البأس المصنف في التذكرة ولو كان يصلي مع جماعة فحضرت طائفة أخرى يصلون جماعة فهل يجوز له ان يخرج نفسه من متابعة امامه ويوصل صلاته بصلاة الامام الأخر فيه وجهان أقربهما العدم لما ذكر واستوجه المصنف في التذكرة الجواز ولو زادت صلاة المأموم على صلاة الامام لم يبعد جواز اقتدائه في التتمة باخر من المؤتمين وفي جوازه بامام اخر أو منفرد وجهان واعلم أنه ان قلنا بجواز الانفراد فحينئذ يجب عليه الاتمام فان فارقه قبل النية (القراءة خ ل) قرأ لنفسه وإن كان بعدها اجتزء بقرائة الامام وركع وإن كان في أثنائها قرأ من موضع القطع وقيل من أول السورة التي وقع القطع في أثنائها ويحتمل استيناف القراءة واستوجه الشهيد في الذكرى الاستيناف مطلقا لأنه في محل القراءة وقد نوى الانفراد والمسألة محل اشكال ويجوز التسليم قبل الامام هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب حتى في كلام القائلين بوجوب التسليم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي المعزا في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلى خلف امام فيسلم قبل الإمام قال ليس عليه بذلك بأس وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون خلف الامام فيبطل الامام التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضى في حاجته ان أحب ويدل على صورة العذر صحيحة علي بن جعفر السابقة في المسألة المتقدمة والظاهر أنه لا يجب عليه نية الانفراد حينئذ خصوصا على القول بعدم وجوب المتابعة في الأقوال لاطلاق الاخبار وهو ظاهر الأصحاب لذكرهم له بعد المسألة السابقة من غير تقييد ويستحب للامام ان لا يصلى في مقامه ركعتين بعد الانصراف حتى ينحرف من مكانة ذلك روى ذلك الشيخ عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) وعن هشام عنه (ع) فلا يصلي في مقامه حتى ينحرف وهو أعم من السابق لاختصاصه بالركعتين ويستحب ان لا ينحرف عن مكانه حتى يتم من خلفه مسبوقا كان أو غيره لبعض الأخبار الصحيحة الدالة عليه ويستحب له ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح عندي عن أبي عبد الله (ع) ويستحب للامام إذا فرغ من صلاته ان يرفع يديه فوق رأسه تبركا قاله المصنف في المنتهى ومستنده ما رواه الشيخ عن صفوان بن مهران الجمال في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه جميعا فوق رأسه وظاهر كلامه في المنتهى يقتضي اختصاص الحكم بالامام ولا دلالة في الرواية على هذا التخصيص وروى كراهة التوشح للامام وصلاته بغير رداء وقد مر ذلك المقصد الثالث في صلاة الخوف وصلاة الخوف أنواع أشهرها صلاة ذات الرقاع صلاها النبي صلى الله عليه وآله وقيل إن الآية نزلت بها وقيل إن الحكم في حالة الخوف كان قبل نزول الآية تأخير الصلاة إلى أن يحصل الامن ثم يقضي (فنسخ) بصلاة الخوف ولهذا اخر النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق أربع صلوات ثم قضاها وقد اختلف في تسمية صلاة ذات الرقاع بها فقيل لان القتال كان في سفح جبل فيه جددا حمر وصفر وسود كالرقاع وقيل كانت الصحابة حفاة فلفوا على أرجلهم الجلود والخرق لشدة الحر وقيل سميت بذلك لرقاع كانت في ألويتهم وقيل مر بذلك الموضع ثمانية نفر حفاة فنقبت أرجلهم وتساقطت اظفارهم وكان يلفون عليها الخرق وقيل الرقاع اسم شجرة في موضع الغزوة وهي على ثلاثة أميال من المدينة عند بئر اروما نقلها الشهيد (ره) عن صاحب المعجم قال قال وبين الهجرة وبين هذه الغزوة أربع سنين وثمانية أيام وشروط صلاة ذات الرقاع أربعة أحدها كون الخصم في خلاف جهة القبلة بحيث لا يمكنهم مقابلته وهم يصلون الا بالانحراف عن القبلة وحينئذ لو كان العدو في جبهة القبلة وأمكنهم ان يصلوا جميعا ويحمى بعضهم بعضا صلاة عسفان وهذا الاشتراط هو المشهور بين الأصحاب واستوجه المصنف في التذكرة عدم اعتباره ورجحه الشهيد (ره) واستحسنه الشارح الفاضل حجة الأول ان النبي صلى الله عليه وآله انما صلاها والعدو في خلاف جهة القبلة وان صلاة عسفان ليس فيها تفريق ولا مخالفة شديدة لباقي الصلوات كما هو موجود في صلاة ذات الرقاع ويرد على الأول ان فعل النبي صلى الله عليه وآله يجوز ان يكون اتفاقا لا لكون ذلك شرطا واما الوجه الثاني فيبنى على تحقيق ان فيه مخالفة لباقي الصلوات أم لا وسيجئ تحقيقه وعلى الأول اتجه المشهور دون الثاني وثانيها ان يكون الخصم ذا قوة يخاف هجومه على المسلمين فلو ضعف بحيث يؤمن معهم الهجوم انتفى الخوف المسوغ لهذا الصلاة وثالثها ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق طائفتين فيقاوم كل فرقة منهما العدو حالة صلاة الأخرى إما مستقلا أو بانضمام طائفة من الكفار يقاتلون معهم كالمؤلفة فلو لم يمكن لم يتحقق هذه الصلاة ورابعها عدم احتياجهم إلى زيادة على الفرقتين وهذا الاشتراط في الثنائية واضح لتعذر التوزيع بدونه واما في الثلاثية فهل يجوز تفريقهم ثلاث فرق وتخصيص كل ركعة بفرقة قولان واختار الشهيدان الجواز وهو مبني على جواز الانفراد اختيارا وان لم نقل بذلك اتجه المنع وهي اي صلاة الخوف مقصورة سفرا إذا كانت رباعية وحضرا جماعة وفرادى لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقصير في صلاة الخوف في السفر وانما اختلفوا في وجوب تقصيرها إذا وقعت في
(٤٠٢)