نسبة ذي المزية إلى الازيد منه مزية كنسبة ما لا مزية فيه إلى ذي المزية فينسحب حكم الثاني في الأول واختاره المصنف في التذكرة والنهاية وأنت خبير بما أطلناه من التحقيق ويشترط في صحة انعقاد النذر المقيد بزمان معين ان لا يكون عليه صلاة واجبة في ذلك الزمان ولعل هذا مبني على القول بعدم صحة النافلة ممن عليه فريضة كما هو رأى جماعة من الأصحاب بناء على أن مشروعية المنذور شرط في انعقاد النذر فيجب ان يكون المنذور شرعيا قبل تعلق النذر حتى يصح تعلقه به وانعقاده والنافلة لمن عليه الفريضة غير مشروعة وما ذكرنا يظهر فساد ما قيل إن النص الذي اقتضى المنع انما دل مع تسليمه على منع ايقاع الصلاة لمن عليه صلاة لا على ايقاع النذر فلا يكون النذر ممنوعا منه وإن كان متعلقه النافلة وبعد انعقاده تصير فريضة فلا يمنع فعلها ممن عليه صلاة وذلك لان المنع حينئذ من انعقاد (النذر) لا عن ايقاعه بناء على ما ذكرنا من أن الانعقاد مشروط بشرعية المنذور وهي منتفية ههنا ولو نذر صلاة الليل وجب ثماني ركعات في وقتها المعين لاطلاقها عليها في المتعارف ولا يتعين دعاء ولا الشفع والوتر وهل يجب سورة بعد الحمد مقتضى الدليل العدم وصحح الشارح الفاضل الوجوب ولا دليل عليه الا ان يكون اجماعيا ولو قيد بعدمها فلا ريب في عدم الوجوب وكلما يشترط في الصلاة اليومية يشترط في الصلاة المنذورة مع الاطلاق لا التقيد وقد مر تحقيق ذلك الا الوقت إذ لا يتعين فعل المنذورة في وقت الفريضة بل تابع لاطلاق النذر وتقييده وحكم اليمين والعهد في ذلك حكم النذر فلو حالف على فعل صلاة أو عاهد عليه الله انعقد على الوجه الذي فصل المقصد السابع في النوافل وهي عقد أنواع كثيرة وذكر المصنف ههنا جمله منها فقال ويستحب صلاة الاستسقاء وهو طلب السقيا من الله تعالى عند الحاجة إليها وهو اجماعي عند أصحابنا قال المصنف في التذكرة وقال في المنتهى أجمع كل من يحفظ عنه العلم على استحباب صلاة الاستسقاء الا أبا حنيفة فإنه قال ليس لها الصلاة بل مجرد الدعاء وقد كان الاستسقاء مشروعا في الملل السابقة أيضا روى ابن بابويه عن الصادق (ع) أنه قال إن سليمان بن داود خرج ذات يوم مع أصحابه ليستسقى فوجد نمله قد رفعت قائمة من قوائمه إلى السماء وهي تقول اللهم انا خلق من خلقك لاغنى لنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني ادم فقال سليمان (ع) ارجعوا فقد سقيتم بغيركم ويدل على استحبابها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق به قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في الاستسقاء قال يصلي ركعتين ويقلب رداءه الذي على يمينه فيجعله على يساره (والذي على يساره) على يمينه ويدعوا الله فيستسقى وعن صفوان في الصحيح اخبرني موسى بن بكر وعبد الله بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى للاستسقاء ركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة وغير ذلك من الاخبار الآتية جماعة تأسيا بالنبي والأئمة (ع) وفي الاخبار الآتية ما يدل عليه قال في المنتهى ويصلي جماعة وفرادى وهو قول أهل العلم الا أبا حنيفة وانما يستحب عند قلة الأمطار وغور الأنهار وهو سبب من غضب الله تعالى على عبادة روى الشيخ في التهذيب عن عبد الله (عبد الرحمن) بن كثير عن الصادق عليه السلام قال إذا فشت أربعة ظهرت أربعة إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا غضب الله تعالى على أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها وقصرت اعمارها ولم يربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تغرز أنهارها وحبس عنها امطارها وسلط عليها شرارها وصلاة الاستسقاء كالعيد في كونها ركعتين يقرأ فيهما ما مر ويكبر فيها التكبيرات الزايدة ويقنت بعد كل تكبيرة منها وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن هشام بن الحكم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن صلاة الاستسقاء قال مثل صلاة العيدين يقرأ فيهما ويكبر فيهما يخرج الامام فيبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسألة ويبرز معه الناس فيحمد الله ويمجده ويثنى عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلى مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان النبي صلى الله عليه وآله كذلك يصنع والظاهر من قوله ويصلي مثل صلاة العيدين المماثلة في الكيفية لا الأمور الخارجة عنها كالوقت وعمم الشارح الفاضل المماثلة المذكورة في كلام المصنف بالنسبة إلى الوقت أيضا فخصه بما بين طلوع الشمس إلى الزوال واحتذى فيه كلام الشهيد في البيان حيث قال ووقتها وقت العيد وربما يقال بعد الزوال ونقل في الذكرى عن ظاهر كلام الأصحاب ان وقتها وقت صلاة العيد ونقل عن ابن أبي عقيل التصريح بان الخروج في صدر النهار وعن أبي الصلاح انبساط الشمس وابن الجنيد بعد صلاة الفجر قال الشيخان لم يعينا وقتا الا انهما حكما بمساواتهما العيد والظاهر أنه لا يتعين له وقت لاطلاق الأدلة وبه صرح الفاضلان بل قال المصنف في النهاية وفي اي وقت خرج جاز وصلاها إذ لا وقت لها اجماعا ونحوه قال في التذكرة ثم قال والأقرب عندي ايقاعها بعد الزوال لان ما بعد العصر أشرف قال ابن عبد البر الخروج إليها عند زوال الشمس عند جماعة من العلماء انتهى وهي مثل صلاة العيد في كيفيتها الا انه يقنت في الاستسقاء بالاستعطاف وهو طلب العفو من الله تعالى على عباده والرحمة لهم وسؤال توفير الماء وأفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام في ذلك ولتكن الصلاة بعدان يصوم ألنا س ثلاثة أيام ويخرج بهم الامام في الثالث يدل على ذلك ما رواه الشيخ عن حماد السراج قال أرسلني محمد بن خالد إلى أبي عبد الله (ع) أقول له ان الناس قد أكثروا علي في الاستسقاء فما رأيك في الخروج غدا فقلت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال لي قل له ليس الاستسقاء هكذا فقل له يخرج فيخطب الناس ويامرهم بالصيام اليوم وغدا ويخرج بهم يوم الثالث وهم صيام قال فاتيت محمدا فأخبرته بمقالة أبي عبد الله (ع) فجاء فخطب الناس وأمرهم بالصيام كما قال أبو عبد الله (ع) فلما كان في اليوم الثالث ارسل إليه ما رأيك في الخروج وفي غير هده الرواية انه امره ان يخرج يوم الاثنين فيستسقى ويؤيده ما دل على استحبابه دعاء الصايم وليكن الثالث الجمعة أو الاثنين إما الاثنين فللرواية المذكورة واما الجمعة فلشرفه وكونه محلا لإجابة الدعاء وقد ورد ان العبد يسأل الله الحاجة فيؤخر اجابتها إلى يوم الجمعة ولم يذكر المفيد في المقنعة وأبو الصلاح سوى الجمعة ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار انهم لم يعينوا يوما إلى الصحراء والظاهر أنه اجماعي نقله جماعة من الأصحاب تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي البحتري عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي (ع) أنه قال مضت السنة انه لا يستسقى لا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى في المساجد الا بمكة ويفهم ذلك من ظاهر حسنة هاشم السابقة وغيرها قال في المعتبر بعد نقل رواية أبي البختري وهذه الرواية وان ضعف سندها الا ان اتفاق الأصحاب على العمل بها ويستفاد من الرواية المذكورة ان أهل مكة يستسقون في المسجد الحرام قال في المنتهى وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم والحق به ابن الجنيد مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومستنده غير واضح والمفيد وابن أبي عقيل وجماعة لم يستثنوا المسجد الحرام على ما حكى الشهيد في الذكرى حفاة بالسكينة والوقار إما السكينة والوقار فيدل عليه حسنة هشام السالفة واما الحفاء فلكون ذلك أقرب إلى الخشوع والتذلل المطلوب في هذا الباب ويستحب ان يخرج المؤذنون بين يدي الامام بأيديهم العنز لما سيجئ في رواية قوة (عدة خ ل) ويخرج معهم الشيوخ والأطفال والعجايز هذا مشهور بين الأصحاب وعلل بأنهم أقرب إلى الرحمة وأسرع إلى الإجابة وقد روى الشيخ عن النبي صلى الله عليه وآله لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ويتأكد في أبناء الثمانين لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويفرق بين الأطفال وأمهاتهم ليكثروا من البكاء فلعله يكون سبب لادراك رحمة الله تعالى وتحويل الرداء بعد الصلاة لحسنة هشام وموثقة ابن بكير السابقتين وغيرهما من الاخبار وفي بعض الروايات عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله إذا استسقى قال علامة بينه وبين أصحابه يحول الجدب خصبا وقال بعض الأصحاب يحوله بعد الفراغ من الخطبة وقال المفيد وسلار وابن البراج يحول الامام ردائه ثلاث مرات ولعلها بعد الفراغ من الصلاة وبعد الصعود على المنبر وبعد الفراع من الخطبة ولامانع من تكراره في هذه المواضع وهل يستحب للمأموم التحويل أثبته في المبسوط وفي الخلاف يستحب للامام خاصة ثم يستقبل القبلة بعد الصلاة والتحويل وقبل الخطبتين ويكبر الله مائة
(٣٤٦)