السابقة وفي كيفية صلاتهم قولان فذهب المرتضى والمفيد إلى انهم يصلون جميعا بالايماء واختاره ابن إدريس مدعيا الاجماع عليه وذهب الشيخ في النهاية إلى أن الامام يؤمى ومن خلفه يركع ويسجد ويستفاد ذلك من ظاهر رواية إسحاق بن عمار السابقة قال في المعتبر بعد نقل الرواية وهذه حسنة ولا يلتفت إلى من يدعى الاجماع على خلافها ولا يخفى ان الرواية من الموثقات لان في طريقها عبد الله ابن جبلة الواقفي وإسحاق بن عمار الفطحي الفرق بين المنفرد وغيره في وجوب الركوع والسجود وعدمه لا يخلو عن بعد ومع ذلك فالرواية قابلة للتأويل على وجه يوافق قول السيد فالاستناد إلى ظاهرها محل تأمل وجسد المراة الحرة كله عورة يجب ستره عدا الوجه قال الشارح الفاضل وهو ما يجب غسله في الوضوء أصالة واثبات هذا التحديد لا يخلو عن اشكال قال في الذكرى وفي الصدغين وما لم يجب غسله من الوجه نظر من تعارض العرف اللغوي والشرعي إما العنق فلا شك في وجوب ستره من الحرة واما الأمة فالأقرب تبعيته للرأس من دون الرأس وفي اثبات وجوب ستر العنق للحرة خفاء والكفين ولعل مرادهم من حدهما (من دون الرأس وفي اثبات وجوب ستر العنق للحرة خفاء) مفصل الزندين كما قاله الشارح الفاضل ولا فرق بين ظاهرهما وباطنهما قال الشارح الفاضل واستثناء هذين موضع وفاق بين الأصحاب وفيه تأمل والقدمين والظاهر أنه لا فرق بين ظاهرهما وباطنهما كما صرح به الشهيد وغيره وكلام الأصحاب مختلف ففي أكثر عباراتهم كعبارة الشيخ والمحقق والمصنف في عدة من كتبه ظاهر القدمين مع أن تعليل المصنف والمحقق يقتضي عدم الفرق وفي كثير من عباراتهم بلفظ القدمين كما اورده المصنف ههنا وربما استثنى بعضهم باطن القدمين من هذا الحكم صريحا واعلم أن الأصحاب اختلفوا فيما يجب ستره على المراة في الصلاة فالأكثر ومنهم الشيخ في النهاية والمبسوط على ما قاله المصنف وقال في الاقتصار واما المراة الحرة فان جميعها عورة يجب عليها ستره في الصلاة ولا تكشف غير الوجه فقط وقال أبو الصلاح المراة كلها عورة وأقل ما يجزى الحرة البالغة درع سابغ إلى القدمين وخمار قال المصنف وهذا يقتضي ما اقتضاه كلام الشيخ في الاقتصار وقال ابن زهرة والعورة الواجب سترها من النساء جميع أبدانهن الا رؤوس المماليك منهن وقال ابن الجنيد الذي يجب ستره من العورتان وهما القبل والدبر من الرجل والمراة وهذا يدل على المساواة بينهما وقال ابن الجنيد أيضا لا باس ان تصلي المراة الحرة وغيرها وهي مكشوفة الرأس حيث لا يراها غير ذي محرم وكذلك الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام والأقرب الأول ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن أقل ما تصلي فيه المراة قال درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلل بها وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال والمراة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا وفي الموثق عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليه السلام تصلي المراة في ثلثة أثواب ازار ودرع وخمار ولا يضرها بان تقنع الخمار فإن لم تجد فثوبين (فتأتزر) بأحدهما وتقنع بالآخر فقلت فإن كان درعا وملحفة ليس عليها مقنعة فقال لا باس إذا تقنعت بالملحفة فإن لم يكفها فليلبسها طولا ويستفاد من صحيحة محمد بن مسلم استثناء الوجه والكفين والقدمين لأنه عليه السلام اجتزى بالدرع وهو القميص والمقنعة وهي للرأس فيستفاد منه ان ما عدا ذلك غير واجب والدرع لا يستر البدن ولا القدمين بل ولا العقبين غالبا احتج الشيخ في الاقتصار بان بدن المراة كله عورة والجواب انه ان أراد وجوب ستره عن الناظر المحرم فمسلم لكن ذلك غير محل النزاع وان أراد وجوب ستره في الصلاة فممنوع لابد لذلك من دليل احتج ابن الجنيد بما رواه عبد الله ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالمراة المسلمة الحرة ان تصلي وهي مكشوفة الرأس اوردها الشيخ في التهذيب بطريق موثق لعبد الله بن بكير ومحمد بن عبد الله الأنصاري ورواه باسناد أخرى عن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان تصلي المراة المسلمة وليس على رأسها قناع وأجاب عنها الشيخ في التهذيب بالحمل على الصغيرة أو على حالة الضرورة واحتمل في الخبر الثاني ان يكون المراد بالمراة المسلمة الأمة قال المحقق في المعتبر ان هذه الرواية مطرحة لضعف عبد الله ابن بكير فلا يترك لخبره الأخبار الصحيحة المتفق على مضمونها وهو حسن ومع ذلك فطريق التأمل غير مسند عنه بالكلية واعلم أنه ليس في كلام المصنف وأكثر عبارات الأصحاب تعرض لوجوب ستر الشعر بل ربما ظهر منها انه غير واجب لعدم دخوله في مسمى الجسد المحكوم بكونه عورة وهو الظاهر من اطلاق الامر بالصلاة لعدم الأدلة بتقييده واستقرب الشهيد في الذكرى الوجوب لما رواه ابن بابويه عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال صلت فاطمة عليها السلام في درع وخمار ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها وهي بعد الإغماض عن السند لا تدل على الوجوب ويمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق ويجوز للأمة والصبية وهي الأنثى غير البالغة كشف الرأس في الصلاة ونقل عليه الفاضلان والشهيدان اجماع العلماء عليه الا الحسن البصري فإنه أوجب على الأمة الخمار إذا تزوجت أو اتخذها الرجل لنفسه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال ليس على الإماء ان يتقنعن في الصلاة وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت رحمك الله الأمة تغطي رأسها إذا صليت قال ليس على الأمة قناع وما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على المدبرة ولا على المكاتبة إذا شرطت عليها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى يؤدي جميع مكاتبتها واما الصبية فيدل على ثبوت الحكم فيها عدم التكليف في حقها وقد يستدل عليه برواية ابن بكير السابقة وهو ضعيف واطلاق كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الأمة بين القن والمدبرة والمكاتبة المشروطة والمطلقة التي لم تؤد من مكاتبتها شيئا وأم الولد سواء كان ولدها حيا أو ميتا والامر كل لاطلاق النصوص واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الأمة تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد فلا يصلح لمعارضة الخبرين السابقين لأنه لو سلم مفهومها لم يكن واضح الدلالة على الوجوب كما لا يخفى ولو انعتق بعضها فكالحرة في وجوب الستر لعدم دخولها في مفهوم الأمة حتى يستثني من عموم ما دل على وجوب الستر في المراة وهل يستحب للأمة القناع أثبته في المعتبر ونقله عن عطا وعن عمر انه ينهى عن ذلك وضرب أمة لآل انس رآها بمقنعة واستند المحقق إلى أن الستر انسب بالحياء وهما مرادان من الأمة كالحرة وفعل عمر جاز ان يكون رأيا واثبات الحكم الشرعي بمثل هذا التعليل مشكل ولا اختصاص لهذا التعليل بحال الصلاة واعترف المحقق بعدم ورود نص فيه والأظهر العدم لعدم الدليل ولما رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب المحاسن باسناده إلى حماد اللحام قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوكة تقنع رأسها إذا صلت قال لا قد كان أبي إذا رأى الخادم تصلي مقنعة ضربها لتعرف الحرة من المملوكة ونحوه نقل الشهيد في الذكرى عن البزنطي باسناده إلى حماد اللحام قال وروى إسماعيل الميثمي في كتابه عن أبي خالد القماط قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأمة أتقنع رأسها فقال إن شاءت فعلت وان شاءت لم تفعل سمعت أبي يقول كن يضربن فيقال لهن لا تشبهن بالحراير ويجب على الأمة سترها عدا الرأس مما يجب ستره على الحرة قال في المنتهى لا يجوز للأمة كشف ما عدا الوجه والكفين والقدمين ذهب إليه علماؤنا انتهى والظاهر تبعية العنق للرأس لأنه الظاهر من نفي وجوب التقنع عليهن ولعسر ستره من دون الرأس فروع الأول لو انعتق بعضها فالظاهر أنها كالحرة في وجوب الستر لعدم دخولها في مفهوم الأمة حتى يستثنى من عموم ما دل على وجوب الستر في المراة وقد روى الصدوق عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على المدبرة والمكاتبة إذا شرط عليها موليها حتى تؤدي جميع مكاتبتها قال الشهيد وهو يشعر بما قالوا للتخصيص بالمشروطة وهذه الرواية قريبة مما نقلناه عن الكافي الثاني هل يلحق الخنثى بالمراة تردد فيه المصنف في المنتهى من أصالة براءة الذمة ومن العمل بالاحتياط ثم استقرب الوجوب لان الشرط بدون ستر الجميع لا يتيقن حصوله وتبعه الشهيد في الذكرى وفيه نظر لان الاشتراط انما ثبت في حق المراة لا مطلقا فههنا كان اطلاق الامر بالصلاة باقيا على حاله (من غير تقييد) فمقتضى ذلك عدم الوجوب الثالث ان أعتقت الأمة في أثناء الصلاة وعلمت بها قيل يجب عليها ستر رأسها فان افتقرت إلى فعل كثير استنافت والصحيح ان الاستيناف انما يثبت إذا أدركت بعد القطع ركعة في الوقت والا وجب الاستمرار لان وجوب الستر مشروط بالقدرة عليه وقال الشيخ في الخلاف يستمر المقنعة وأطلق لان دخولها كان مشروطا والصلاة على ما افتتحت عليه وهو ظاهر المصنف في المعتبر ولا يخلو عن قوة لان القدر الثابت وجوب الستر إذا توجه التكليف بذلك قبل الدخول في الصلاة والمسألة محل تردد ولو انعتق بعضها في الأثناء فكما انعتق كله والأقرب في الصبية
(٢٣٧)