كما مر في الثوب فلا نعيده ههنا ولو امره الاذن في الكون في المكان صريحا أو فحوى بالخروج من المكان المأذون في الكون فيه فإن لم يكن قد اشتغل بالصلاة والوقت متسع وجب الخروج على الفور لامتناع التصرف في ملك الغير عند عدم رضاه فلو اشتغل بالصلاة حينئذ لم تصح لحصول النهي المقتضى للفساد وإن كان قد اشتغل المأذون له بالصلاة ففيه أوجه أحدها ما اختاره المصنف هنا وهو المنقول عن جماعة وأشار إليه المصنف بقوله تممها خارجا سواء كان الوقت مضيقا أو متسعا وعلل بان فيه جمعا بين حق الله تعالى وأمره باتمام العمل وعدم ابطاله وبين حق الآدمي وفيه انه يستلزم فوات كثير من الأركان والشرايط مع التمكن من الاتيان بها إذا كان الوقت متسعا ووجوب اتمام العمل مطلقا بحيث يشمل محل النزاع ممنوع وثانيها قطع الصلاة مع سعة الوقت واتمامها خارجا عند ضيقه وهو الظاهر من اطلاق كلام الشيخ والمحقق واختاره بعض المتأخرين ولعله أقرب إما القطع مع السعة فلعدم جواز الاتمام (مستقرا بأنه تصرف في ملك الغير مع عدم رضاء وعدم جواز الاتمام) خارجا لاستلزامه فوات كثير من الأركان والشرايط فلا يصح واما الاتمام خارجا عند الضيق فسيجيئ بيانه مع جهة التأمل فيه و ثالثها الاتمام مستقرا مطلقا وقواه الشهيد في الذكرى والبيان تمسكا بمقتضى الاستصحاب وان الصلاة على ما افتتحت عليه وضعفه ظاهر لتعلق النهي المنافي للصحة وبناء حق العباد غالبا على التضييق ورابعها الفرق بين الاذن بالصلاة والاذن بالكون مطلقا فيتم في الأول مستقرا وهو مختار المصنف في أكثر كتبه واما في الثاني فاحتمل الأوجه الثلاثة في القواعد والتذكرة وفي النهاية احتمل الأوجه الثلاثة في صورة سعة الوقت واستقرب بطلان الصلاة قاطعا في صورة التضييق واستجود الشارح الفاضل المفرق بين ما إذا كان الاذن في الصلاة أو في الكون المطلق أو شاهد الحال أو الفحوى فيتمها في الأول مطلقا ويخرج في الباقي مصليا مع الضيق ويقطعها مع السعة قال ووجهه في الأول ان اذن المالك في الامر اللازم شرعا يفضي إلى اللزوم ولا يجوز له الرجوع كما لو اذن في دفن الميت في ارضه أو اذن في رهن ماله على مال الغير وفيه نظر لان المالك اذن في أمر لازم بشرط كونه في مكان مملوك أو مأذون فيه لا مطلقا ولا نسلم افضاء مثل هذا الاذن إلى اللزوم وثبوت الحكم في نظائره لدليل خاص بها لا يوجب التعدية إلى محل النزاع واستشكل بعضهم ما ذكره الشارح من الفرق بان المفروض وقوع الاذن في الاستقرار بقدر الصلاة والا لم يكن الدخول فيها مشروعا وفيه نظر لان القدر اللازم في فرض المسألة الدخول في الصلاة دخولا مشروعا وهو لا يقتضي وقوع الإذن الصريح في الاستقرار بقدرها فضلا عن الإذن الصريح بالصلاة وما جعله الشارح مناط اللزوم الإذن الصريح بالامر الموجب اللزوم بزعمه وهو الصلاة واستلزام الاذن المذكور اللزوم لا يوجب استلزام الاذن المطلق له وكذا يخرج مصليا لو ضاق الوقت ثم امره المالك الاذن له بالكون أو الصلاة بالخروج قبل الاشتغال وعلل ذلك بأنهما حقان مضيقان فيجب الجمع بينهما بقدر الامكان ولقائل أن يقول وجب عليه الصلاة تامة الأركان وكذا يجب عليه الخروج عن ملك الغير ولا يمكن الجمع بينهما أصلا لان الخروج متشاغلا يقتضي فوات بعض الأركان والشرايط وبين الامرين عموم من وجه ولا يمكن ابقاءهما على العموم حذرا على التكليف بما لا يطاق فلابد من تخصيص في واحد منهما ويمكن تخصيص كل منهما للاخر فتعين أحد التخصيصين يحتاج إلى دليل ومع فقده تعين المصير إلى التخيير فان ثبت الاجماع في هذه المسألة أو قلنا بترجيح ما دل على ترك التصرف في ملك الغير وابقاؤه على العموم لاعتضاده بالشهرة فذاك والا كان للتأمل في المسألة مجال وعلى كل تقدير فلا ريب في كون الخروج متشاغلا بالصلاة أولي وأحوط ولو دخل المكان بدون اذن المالك ثم امره بالخروج فكالمسألة السابقة ولا معصية فيه إذا خرج بما هو شرط في الخروج من السرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضررا وذهب شاذ من الأصوليين إلى استصحاب حكم المعصية عليه وهو باطل على أصولنا إذ هو مفض إلى القول بالتكليف بما لا يطاق وتمام تحقيق هذه المسألة متعلق بفن الأصول ويجوز في النجس مع عدم التعدي ويشترط طهارة موضع الجبهة دون باقي مساقط الأعضاء فإنه لا يشترط طهارتها ولا يقدح في صحة الصلاة نجاستها إذا لم تكن متعدية على الأشهر بين الأصحاب ونقل عن أبي الصلاح انه اعتبر طهارة المواضع السبعة وعن المرتضى انه اعتبر طهارة مكان المصلي وربما ينقل عنه انه اعتبر طهارة ما يلاصق البدن وان لم يسقط عليه والأصح الأول إما اعتبار طهارة موضع الجبهة فللاجماع فان كل من اعتبر الطهارة في الصلاة اعتبر طهارة موضع الجبهة كذا قال المحقق والمعتبر والمصنف في التذكرة ونقل الاجماع عليه أيضا المصنف في المنتهى والمختصر والشهيد في الذكرى وابن زهرة في الغنية لكن لا يخفى انه قد مر في كتاب الطهارة ان المحقق نقل عن الراوندي وصاحب الوسيلة انهما ذهبا إلى أن الأرض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففتها الشمس لا تطهر بذلك لكن يجوز السجود عليها واستجوده المحقق وعلى هذا فدعوى الاجماع كلية محل تأمل نعم دعوى الاجماع فيما عدا ذلك وبالجملة ان تم الاجماع فهو الحجة والا كان للمناقشة في هذا الحكم طريق إذ لم نظفر بدليل اخر واما عدم اعتبار طهارة ما عدا موضع الجبهة فللاطلاقات السالمة عن مقاومة المعارض المؤيدة بالأصل وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سئله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا قال نعم وما رواه ابن بابويه باسناد صحيح والشيخ أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الشاذ كونه تكون عليها الجنابة أيصلي عليها في المحمل فقال لا باس وفي الفقيه لا باس بالصلاة عليها وروى مضمونه الشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام باسناد مضطرب جدا ويؤيده روايتان منقولتان عن علي بن جعفر وقد مضتا في كتاب الطهارة عند شرح قول المصنف وتطهر الشمس ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البارية تبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها فقال إذا جفت فلا باس بالصلاة عليها واما ما دل على المنع كخبر ابن بكير وغيره فمحمول على الكراهة جمعا بين الأدلة احتج القائلون باعتبار طهارة المكان بنهيه عليه السلام عن الصلاة في المجزرة وهي المواضع التي تذبح فيها الانعام و المزبلة والحمامات وهي مواطن النجاسة فتكون الطهارة معتبرة والجواب انه يجوز ان يكون علة النهي ما في هذه المواضع من شدة الاستقذار والاستخباث الدالين على مهانة من نفس يستقر بها فلا يلزم التعدية إلى غيرها وبالجملة لا نسلم ان العلة هي النجاسة المطلقة على أن النهي عن الصلاة في هذه المواضع نهي تنزيه فلا يلزم التحريم واما حجة أبي الصلاح فغير معلومة ولا يخفى انه يجب تقييد النجاسة المتعدية المانعة من الصلاة فيها بغير المعفو عنها إذ لا منع مع العفو وقد صرح بذلك الشهيد في الذكرى فقال ولو كان المكان نجسا بما عفى عنه كدون الدرهم دما ويتعدى فالظاهر أنه عفو لأنه لا يزيد على ما هو على المصلي واحتمل على قول المرتضى البطلان لعدم ثبوت العفو هنا وقد ذكر التقية المذكور المصنف في التذكرة والنهاية وتعليله في المنتهى مشعر به أيضا ونقل عن المدقق الشيخ فخر الدين انه نقل في شرح القواعد أنه قال الاجماع منا واقع على اشتراط خلو المكان عن نجاسة متقدمة وإن كانت معفوا عنها في الثوب والبدن وهو محل تأمل بل تحير ولو كان المكان نجسا ففرش عليه طاهر فالصلاة صحيحة ونقل الاجماع عليه المصنف في التحرير ولو وقع طرف ثوبه أو عمامة على نجاسة احتمل على قول السيد البطلان اعتدادا إلى أن ذلك مكان الصلاة وهذا ان فسرنا المكان بما يلاقي بدنه وثوبه إما ان فسرناه بما يستقر عليه فلا وكذا لا يشترط وقوع الجبهة في السجود على الأرض أو ما أنبتته مما لا يؤكل ولا يلبس تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا نباتها حكى ذلك جماعة من الأصحاب ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الصدوق في الصحيح عن هشام بن الحكم أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام اخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز قال السجود لا يجوز الا على الأرض أو ما أنبتت الأرض الا ما اكل أو لبس فقال له جعلت فداك ما العلة في ذلك قال لان السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها والسجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عز وجل وروى الشيخ صدر الخبر إلى ذكر العلة معلقا عن هشام وطريقه
(٢٣٩)