الحضر فذهب الأكثر منهم المرتضى والشيخ في الخلاف وابن الجنيد وابن إدريس إلى وجوب التقصير سفرا وحضرا جماعة وفرادى وقال الشيخ في المبسوط انها انما تقصر في الحضر بشرط الجماعة وبه صرح ابن إدريس ونسبه الشهيد إلى ظاهر جماعة من الأصحاب وحكى الشيخ والمحقق عن بعض الأصحاب قولا بأنها انما تقصر في السفر خاصة واستدل الأولون بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم والظاهر أنه ليس المراد بالضرب سفر القصر والا لم يكن في التقييد بالخوف فائدة وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فليقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك فإنها مطلقة في الاقتصار على الركعتين وبما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له صلاة الخوف وصلاة السفر يقصران جميعا قال نعم وصلاة الخوف أحق ان تقصر من صلاة السفر الذي لاخوف فيه وفي الاستدلال بالآيتين نظر إما الأولى فلان في حمل الضرب في الأرض على غير سفر القصر عدول عن الظاهر مع أنه غير نافع فان مجرد الخوف كان للقصر على قولهم من غير التوقف على الضرب في الأرض والظاهر أن المراد بالضرب سفر القصر والتقييد بالخوف إما لوجود الخوف في السفر حين نزول الآية أو يكون قد خرج مخرج الأعم الأغلب في أسفارهم فإنهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها وربما يدعى لزوم الخوف في السفر غالبا وبالجملة المفهوم انما يعتبر إذا لم يكن للتقييد فائدة أخرى وههنا ليس كذلك ويؤيد ما ذكرناه القراءة بترك ان خفتم وعلى قول من يقول إن التقصير في الخوف ليس كالتقصير في السفر كما سيجئ فاثر التقييد واضح وكذا على القول بان المراد بالقصر في الآية القصر من حدود الصلاة كما يصلى في شدة الخوف واما الثانية فإنها تتمة الآية السابقة والظاهر أن معناها وإذا كنت يا محمد فيهم يعني في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم كما قاله الطبرسي في مجمع البيان وهو يقتضي اتصالها بما قبلها وسياقها مع شأن نزولها فلا عموم لها مع أنه لا دلالة فيها على القصر فرادى واما الرواية فيمكن المناقشة فيها بأنه يجوز ان يكون المراد بالتقصير القصر في حدود الصلاة لافي ركعاتها كما قيل في الآية لكنه بعيد فالقول المشهور متجه والمشهور بين الأصحاب ان هذا التقصير كتقصير المسافر يرد الرباعية إلى ركعتين ويبقى الثلاثية والثنائية على حالهما ويدل عليه الأخبار المستفيضة المتضمنة لكيفية صلاة الخوف واما ما رواه الشيخ عن جريز في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قال في الركعتين ينقص منهما واحدة فمحمول على التقية أو على أن كل طائفة انما يصلي مع الامام ركعة فكان صلاته ردت إليها ويحكى عن ابن الجنيد انه عمل بمضمون هذه الرواية وهو المحكي عن جماعة من الصحابة والتابعين في تفسير التقصير المذكور في الآية وقال ابن بابويه في كتابه سمعت شيخنا محمد بن الحسن يقول رويت انه سئل الصادق (ع) عن قول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا فقال هذا تقصير ثان وهو ان يرد الرجل الركعتين إلى الركعة وكيفية صلاة ذات الرقاع ان يصلي الامام بالطائفة الأولى ركعة والثانية تحرسهم عن العدو ثم يقوم الامام والطائفة إلى الثانية فينفرد الجماعة ويقرؤن لأنفسهم ويطول الامام القراءة فيتم الجماعة صلاتهم وهو قائم ويمضون إلى موقف أصحابهم وتجئ الطائفة الثانية فيكبرون للافتتاح ثم يركع الامام بهم ويسجد وتقوم الجماعة فيصلي ركعة أخرى ويطيل الامام تشهده ويتمون ويسلم الامام بهم المستند لهذه الكيفية روايات منها ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا فركع وركعوا فسجد وسجدوا ثم استتم رسول الله صلى الله عليه وآله قائما فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم وأقاموا بإزاء العدو وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعه ثم سلم بعضهم على بعض وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الخوف قال يقوم الامام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية ثم يجلس الامام ويقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه قال وفي المغرب مثل ذلك يقوم الامام ويجئ طائفة فيقومون خلفه ويصلى بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل الامام قائما ويصلون الركعتين ويتشهدون ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم خلف الامام فيصلى بهم ركعة يقرأ فيهما ثم يجلس ويتشهد ويقوم ويقومون معه فيصلى بهم ركعة أخرى ثم يسلم عليهم وينبغي التنبيه على أمور (الأول هل يجب على الفرقة) الأولى نية الانفراد عند مخالفة الامام قيل نعم وهو خيرة الشهيد في الدروس وقيل لا وقواه الشهيد في الذكرى حجة الأول وجوب الانفراد ووجوب نية كل واجب وما تقدم من عدم جواز مفارقة المأموم الامام بدون النية ويرد على الأول منع وجوب نية كل واجب وعلى الوجهين انهما انما يتمان مع اطلاق الاقتداء إما إذا تعلقت بالركعة الأولى خاصة فلا وحجة الثاني (الأصل) وانقضاء ما تعلق به نية الائتمام والمسألة محل تردد الثاني ظاهر أكثر الأصحاب بفاء اقتداء الفرقة الثانية في الركعة الثانية حكما وان استقلوا بالافعال فيحصل لهم ثواب الائتمام ويرجعون إلى الامام في السهو وحينئذ لا ينوون الانفراد عند القيام إلى الثانية وقد صرح به المصنف في المختلف وصرح ابن حمزة في الوسيلة والواسطة بان الثانية ينوى الانفراد في الركعة الثانية وهو ظاهر الشيخ في المبسوط واختاره بعض المتأخرين لقوله (ع) في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة ثم يتشهد ويسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعة وسلم بعضهم على بعض ويؤيده انه لا معنى لثبوت القدوة الا ترتب اثارها كالثواب وتحمل الامام سهوهم ولا يمكن القول بذلك الا بدليل يدل عليه مع انتفائه ههنا احتج المصنف للأول بقوله (ع) في صحيحة زرارة فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم وفيه انه يستفاد من تلك الرواية ان الامام يوقع السلام بعد الفراع من التشهد من غير انتظارهم ولعل معنى قوله (ع) وللآخرين التسليم انهم حضروه مع الامام الثالث الظاهر أن ما ذكره المصنف وغيره من أن الامام يطيل تشهده ويتمون ويسلم بهم على سبيل الاستحباب لدلالة صحيحة عبد الرحمن على جواز تسليمه قبل اتمامهم الركعة الرابع ذكر جماعة من الأصحاب انه يحصل المخالفة في هذه الصلوات في ثلاثة أشياء انفراد المؤتم وتوقع الامام للمأموم حتى يتم وامامة القاعد بالقائم ولا يخفى ان انفراد المؤتم لا يحصل به المخالفة على المشهور بينهم من جوازه اختيارا وانما يتم على قول الشيخ حيث منع من ذلك الا ان يقال بوجوب الانفراد هنا فيحصل المخالفة بهذا الاعتبار واما توقع الامام المؤتم حتى يتم فإنه غير لازم هنا على ما ذكرنا مع أنه جائز اختيارا واما امامة القاعد بالقائم فإنما يتحقق إذا قلنا ببقاء اقتداء الفرقة الثانية في الركعة الثانية وقد عرفت ان الامر ليس كذلك الخامس قال في الذكرى يستحب تطويل الامام القراءة في انتظار الثانية ولو انتظرهم بالقراءة ليحضروها كان جائزا فحينئذ يشتغل بذكر الله تعالى إلى حين حضورهم والأول أجود لان فيه تخفيفا للصلاة وقرائته كافية في اقتدائهم وان لم يحضروها كغيرهم من المؤتمين وإذا انتظرهم لفراغ ما بقى عليهم في تشهده طوله بالاذكار والدعوات حتى يفرغوا ولو سكت أيضا فالأقرب جوازه وفي الصلاة الثلاثية وهي المغرب يتخير الامام بين ان يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وبالعكس لما فيه من الجميع بين حسنة الحلبي السابقة وبين ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا كان صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين فيصلى بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ثم أشار إليهم بيده فقام كل انسان منهم فيصلى ركعة ثم سلموا وقاموا مقام أصحابهم وجاءت طائفة أخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة وقام الامام فصلى بهم ركعة ثم سلم ثم قام كل رجل منهم فيصلى ركعة فشفعها بالتي صلى مع الامام ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قرائة فتمت للامام ثلاث ركعات وللأوليين ركعتان في جماعه وللآخرين واحدة فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم وروى الشيخ عن زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) مثل ذلك واختلف الأصحاب في الأفضلية فقيل إن الأول أفضل لكونه مرويا عن علي (ع) فيترجح للتأسي به ولأنه يستلزم فوز الفرقة الثانية بالقراءة وبالزيادة لتوازي فضيلة تكبيرة الافتتاح والتقدم ولتقارب الفرقتين في ادراك الأركان ونسب هذا القول
(٤٠٣)