الخامس لو عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية ولم يعزم على إقامة العشرة في واحدة منها لم يبطل حكم سفره لأنه لم ينو الإقامة في بلد بعينه فكان كالمنتقل في سفره من منزل إلى منزل قاله المصنف في المنتهى وغيره السادس قد ثبت بما ذكرنا ان نية الإقامة تبطل السفر المتقدم وتزيل الحكم المترتب عليه وجوب التقصير عليه ثانيا يحتاج إلى تحقق السبب المسوغ للتقصير وهو قصد المسافة والخروج إلى حد الخفاء على ما ثبت بالأدلة السابقة فلو رجع بعد ذلك إلى محل الإقامة لغرض مع بقاء نية السفر فالظاهر بقاؤه على حكم التقصير بخلاف ما لو كان الرجوع (إلى بلده ولو رجع) عن نية السفر أتم في الموضعين لانتفاء شرط التقصير وهو العزم على السفر أو الوصول إلى حد المسافة كما مر السابع هل حكم زوال التقصير يرتبط بالوصول إلى حد الخفاء أو دخول البلد إذا كانت نية الإقامة سابقة عليه فيه وجهان (وقد مر) بيانه الثامن لو صلى بتقصير ثم ينوى الإقامة في أثنائها يتم روى ذلك الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن (ع) وعن محمد بن سهل عن أبيه عن أبي الحسن وهو اتفاقي بين الأصحاب على ما نقله في التذكرة وان تردد في الإقامة قصر إلى ثلاثين يوما ثم يتم ولو صلاة واحدة لا أعلم خلافا في هذا الحكم بين الأصحاب ونقل بعض المتأخرين الاجماع عليه ويدل عليه اخبار متعددة منها قول الصادق (ع) في صحيحة معاوية بن وهب السابقة في المسألة المتقدمة وان أردت دون العشرة فقصر ما بينك وبين شهر فإذا تم الشهر فأتم الصلاة وفي حسنة أيوب السابقة في المسألة المتقدمة فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم وفي صحيحة أبي ولاد الآتية فإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة وهل يجوز الاكتفاء بالشهر الهلالي إذا حصل التردد في أوله يحتمل ذلك لصدق الشهر عليه وهو مقتضى اطلاق كلام أكثر الأصحاب وحينئذ فالثلاثين المذكورة في حسنة أبي أيوب محمول على (الغالب) من عدم كون مبدأ التردد مبدأ الشهر واعتبر المصنف في التذكرة الثلاثين ولم يعتبر الشهر الهلالي قال لان لفظ الشهر كالمجمل ولفظ الثلاثين كالمبين وفي كونهما كالمجمل والمبين تأمل بل الظاهر كون الشهر حقيقة في المعنى المشترك بين المعنيين وحينئذ فالمتجه ان يقال يحمل على الثلاثين كما يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص ولو نوى المقصر الإقامة عشرا ثم بدا له وعزم على السفر قصر بمجرد تجديد نية السفر من غير توقف على انشاء سفر جديد ما لم يكن قد صلى ولو فريضة واحدة على التمام فإنه يستمر عليه حينئذ إلى أن يخرج إلى المسافة ولا اعلم في هذا الحكم خلافا بين الأصحاب وقد نقل بعض المتأخرين الاجماع عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي ولاد الحناط في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني كنت نويت حين دخلت المدينة ان أقيم بها عشرة أيام فأتم الصلاة ثم بدا لي بعد أن أقيم بها فما ترى لي أتم أم أقصر فقال إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج منها وان كنت حين دخلتها على نيتك المقام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك ان لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فأنوي المقام عشرا وأتم وان تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة وظاهر الأصحاب الا يشترط في الرجوع إلى القصر في صورة العدول عن نية الإقامة من غير صلاة كون الباقي مسافة نظرا إلى ظاهر الرواية وقواه الشارح الفاضل واحتمل الاشتراط ويمكن المنازعة في دلالة الرواية على عدم الاشتراط بان الراوي كوفي والظاهر من حاله ان عدوله عن الإقامة انما يكون بالسفر إلى الكوفة فلا ينتهض حجة في صورة عدم كون الباقي مسافة وينبغي التنبيه على أمور الأول هل يلحق بالصلاة الفريضة الصوم الواجب فيثبت حكم الإقامة بالشروع فيه مطلقا أو إذا زالت الشمس قبل الرجوع عن نية الإقامة أم لا فيه أوجه واختار أولها المصنف وثانيها الشارح الفاضل وثالثها جماعة من الأصحاب منهم الشهيد والشيخ علي وصاحب المدارك وغيرهم وهو أقرب لنا ان الحكم معلق بالصلاة الفريضة وتعديته إلى غيره بدون دليل شرعي كما هو الواقع ههنا قياس مخض لا نقول به وبالجملة مقتضى النص السابق رجوع حكم التقصير عند العدول عن نية الإقامة قبل الصلاة وهو شامل لمن صام أو لم يصم فيكون الحكم ثابتا في الصورتين احتج المفصل بأنه لو فرض ان هذا الصائم سافر بعد الزوال فلا يخلو إما ان يجب عليه الافطار أو اتمام الصلاة لا سبيل إلى الأول للأخبار الصحيحة الشاملة باطلاقها وعمومها هذا الفرد الدال على وجوب المضي على الصوم كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سأل عن الرجل يخرج من بيته ويريد السفر وهو صائم قال إن خرج قبل ان ينتصف النهار فليفطر وان خرج بعد الزوال فليتم يومه وصحيحة محمد بن مسلم عنه (ع) إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم فقد تعين وجوب اتمام الصوم وحينئذ فلا يخلو إما ان نحكم بانقطاع حكم الإقامة بالرجوع عنها بعد الزوال وقبل الخروج أم لا لا سبيل إلى الأول لاستلزامه
(٤١٢)