وممن زعم الجواز الشارح الفاضل محتجا بصدق الاسم وفيه منع واضح قال وعدم جواز التيمم عند بعض الأصحاب لا للاستحالة بل لعدم صدق اسم التراب عليه بناء على أن المراد بالصعيد المأمور بالتيمم به في الآية هو التراب كما ذكر بعض أهل اللغة ودائرة السجود أوسع من ذلك وفيه نظر لان المحقق لم يجوز التيمم للاستحالة لأنه قائل بان المراد بالصعيد وجه الأرض وقد صرح بعدم صدق الأرض على الخزف والوحل لا يجوز السجود عليه اختيارا وهو الماء الممتزج بالتراب بحيث لا يصدق عليه اسم التراب لعدم صدق الأرض عليه ولما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو فقال إذا غرقت الجبهة ولم يثبت على الأرض فان اضطر أو ماء هذا الحكم مشهور بين الأصحاب مستنده نفي الحرج والضرر وما رواه الشيخ في الموثق عن عمار أيضا انه سأله عن الرجل يصيبه المطر وهو لا يقدر ان يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافا قال يفتتح الصلاة فإذا ركع قد يركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم ومقتضى الرواية واطلاق جماعة من الأصحاب عدم وجوب الجلوس للسجود وأوجب الشارح الفاضل الجلوس وتقريب الجبهة من الأرض بحسب الممكن وجعل بعضهم وجوب الجلوس والآتيان من السجود بالممكن أولي استنادا إلى أنه لا يسقط الميسور بالمعسور (بعد استضعاف الرواية وفيه نظر لان وجوب الانحناء من باب المقدمة فوجوبه تابع لوجوب ذي المقدمة فثبوته مستلزم لسقوطها وقوله عليه السلام لا يسقط الميسور بالمعسور) بعد تسليم السند لا يشتمل هذا وكذا قوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم ويمكن الاستدلال عليه بتوقف تحصيل البراءة اليقينية عليه ولقائل أن يقول ضعف الرواية منجبر بالشهرة وعدم المعارض فيكفي الايماء وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع والمغصوب اي لا يجوز السجود على الأرض المغصوبة لما تبين من اشتراط الإباحة في المكان وذكر هذه المسألة في هذا المكان غير مناسب ويجوز على القرطاس وإن كان مكتوبا الظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل الشارح الفاضل في شرح الشرايع الاجماع عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال سئل داود أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا فكتب يجوز وأورده في الاستبصار معلقا عن علي بن مهزيار عن داود بن فرقد والامر في هذا الاختلاف (هين واثر هذا الاختلاف صح) انما يظهر لو كان علي بن مهزيار يرويها عن داود وليس الامر كذلك بل الظاهر من سياق العبارة علمه بالسؤال والجواب نعم قد يؤثر ذلك عند وجود المعارض ومقام الترجيح (فبناء) على أنهم كثيرا ما يعتمدون في أمثال هذه المواضع على الراوي فيطلقون القول بوجه يشعر بعلمهم بالسؤال والجواب الا ان ذلك خلاف ظاهر العبارة وفي الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره ان يسجد على قرطاس عليه كتابة وفي الصحيح عن صفوان بن الجمال قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس وأكثر ذلك يؤمى ايماء واطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق بين المتخذ من القطن والإبريسم وغيره واعتبر المصنف في التذكرة كونه مأخوذا من غير الإبريسم لأنه ليس بأرض ولا نباتها وهو تقييد للنص من غير دليل واعتبر الشهيد في البيان كونه مأخوذا من نبات وفي الدروس عدم كونه من حرير أو قطن أو كتان وقال في الذكرى الأكثر اتخاذ القرطاس من القنب فلو اتخذ من الإبريسم فالظاهر المنع الا ان يقال ما اشتمل عليه من أخلاط النورة تجوز له بعد لاستحالته عن اسم الأرض وقالوا اتخذ من القطن والكتان أمكن بناؤه على جواز السجود عليهما وقد سلف وأمكن ان يقال المانع اللبس حملا للقطن والكتان المطلقين على المقيد فحينئذ يجوز السجود على القرطاس وإن كان منهما لعدم اعتبار لبسه وعليه تخرج جواز السجود على ما لم يصلح للبس من القطن والكتان وقال أيضا وفي النفس من القرطاس شئ من حيث اشتماله على النورة المستحيلة الا ان نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول جمود النورة يرد (عليها) اسم الأرض و يظهر من هذا الكلام نوع توقف في هذا الحكم وما أجاب به مع ما فيه من التكليف الواضح مستغنى عنه بعد ثبوت الحكم بالروايات الصحيحة ويكره السجود على القرطاس إذا كان فيه كتابة لصحيحة جميل المذكورة لكن يشترط في صحة السجود عليه وقوع شئ من الجبهة على شئ من القرطاس الخالي عن الكتابة إذا كانت كتابته بما لا يصح السجود عليه وربما يخيل ان الخبر غرض والسجود في الحقيقة على القرطاس فلا يضر وليس بشئ وهل ينسحب هذا الحكم في كل نبات مصبوغ الظاهر العدم إذا لم يكن للصبغ جرم ولا فرق في كراهية السجود (على القرطاس صح) المكتوب بين القاري والأمي لاطلاق النص وقال الشيخ في المبسوط لا يكره في حق الأمي ولا القاري إذا كان هناك مانع من البصر وتبعه عليه ابن إدريس وانما يشترط وقوع الجبهة على ما يصح السجود عليه مع الاختيار ويجوز ان يسجد على يده ان منعه الحر ولا ثوب معه فإن كان معه ثوب كان مقدما ويدل على جواز السجود على الثوب عند الضرورة مضافا إلى الاتفاق ما رواه الشيخ في الصحيح عن القسم بن الفضيل قال قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك الرجل يسجد على كمة من شدة اذى الحر والبرد قال لا باس به وفي الصحيح عن ابن أبي نصر عن المثنى الحناط عن عيينة بياع القصب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ادخل المسجد في اليوم الشديد الحر فأكره ان أصلي على الحصى فابسط ثوبي فاسجد عليه فقال نعم ليس به باس وعن أحمد بن عمر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على كمه قميصه من اذى الحر والبرد أو على ردائه إذا كان تحته مسح أو غيره مما لا يسجد عليه فقال لا باس به وعن محمد بن القسم بن الفضل قريبا منه ويدل على جواز السجود على يده عند عدم الثوب ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ان أكون في السفر فتحتضر (فتحضر) الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي كيف اصنع قال تسجد على بعض ثوبك قلت ليس علي ثوب يمكنني ان اسجد على طرفه ولا ذيله قال اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد ولا يقدح ضعف السند الرواية بعد اعتضادها بالشهرة وسلامتها عن المعارض وموافقتها للاعتبار وقطع الشهيد في الدروس بتقديم المعدن والقير والصهروج على اليد وفيه تأمل وتنظر في البيان في تقديم المعدن على الثياب الملبوسة ولو منعه البرد فكذلك لما في الاخبار وقال المصنف في المنتهى السجود على القطن والكتان أولي من الثلج وهو حسن بل الظاهر وجوب تقديمهما لما رواه الشيخ عن منصور بن حازم عن غير واحد من أصحابنا قال قلت لأبي جعفر عليه السلام انا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه فقال لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا أو كتانا وفي الموثق عن عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي على الثلج قال لا فإن لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلى عليه والظاهر تقديم المعدن على الثلج لما رواه الشيخ عن داود (الصربي) قال سألت أبا الحسن عليه السلام قلت له اني اخرج في هذا الوجه وربما لم يكن فيه موضع أصلي فيه من الثلج فكيف اصنع قال إن أمكنك ان لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه وان لم يمكنك فسوه واسجد عليه وجعل الشهيد في البيان اليد أولي من الثلج وهو غير بعيد ويجوز السجدة على المسح والبساط وغيرهما مما لا يصح السجود عليه اختيارا عند التقية أيضا اتفاقا لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح والبساط فقال لا باس إذا كان في حال التقية و عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح فقال إذا كان في تقية فلا باس والظاهر جواز السجود على طرف الثوب إذا كان من جنس ما يصح السجود عليه في حال الاختيار أيضا ولا يمنع حمل المصلي شيئا منه من جواز السجود عليه على الأصح عملا باطلاق الأدلة وعمومها ومنع الشيخ من السجود على ما هو حامل له ككرر العمامة وطرف الرداء قال في الذكرى فان قصد لكونه من جنس ما لا يسجد عليه فمرحبا بالوفاق وان جعل المانع نفس الحمل كما هو مذهب العامة طولب بدليل المنع وهو حسن وقال فيه أيضا وان احتج الشيخ برواية الأصحاب عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام في السجود على العامة لا يجزيه حتى يصلي جبهته إلى الأرض قلنا لا دلالة فيه على كون المانع الحمل بل جاز لفقد كونه مما يسجد عليه وكذا ما رواه طلحة بن زيد عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان لا يسجد على الكم ولا على العمامة وهو حسن ويجتنب المشتبهة بالنجس في المحصور دون غيره هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب كالشيخ ومن تبعه والحجة عليه غير واضحة وان لم يثبت الاتفاق عليه كان القول بطهارة كل جزء من المكان وجواز السجود عليها متجها لأصالة الطهارة وقول الصادق عليه السلام ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين ابدا بالشك وقوله عليه السلام كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر وينقل عنهم الاستدلال على ما ذكروه إما على وجوب الاجتناب المحصور فبان المشتبه بالنجس قد امتنع منه التمسك بأصالة الطهارة للقطع بحصول النجاسة فيما وقع فيه الاشتباه فيكون حكمه حكم النجس في أنه لا يجوز السجود عليه ولا الانتفاع به في شئ مما يشترط فيه الطهارة ويرد عليه ان هذا الامتناع انما يثبت إلى المجموع لا بالنسبة إلى كل جزء جزء ولو تم
(٢٤٢)