المأموم أقرب إلى الكعبة من الامام وبه قطع في الذكرى وأوجب المصنف وقوف المأموم خلف الامام أو إلى أحد جانبيه كما في غير المسجد الحرام ولم اطلع في الجانبين على حجة يعتد بها والنصوص خالية عن حكمه فالمسألة محل تردد ويستحب للمأموم الواحد ان يقف على يمين الامام إذا كان رجلا على المشهور بين الأصحاب حتى قال المصنف في المنتهى وهذا الموقف سنة فلو خالف بان وقف الواحد على يسار الامام أو خلفه لم تبطل صلاته عند علمائنا أجمع وحكى في المختلف عن ابن الجنيد القول بالبطلان مع المخالفة والأصل في هذا الباب الروايتان السابقتان في المسألة المتقدمة وما رواه الكليني والشيخ عن الحسين بن بشار المدايني انه سمع من يسأل الرضا (ع) عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم كيف يضع ثم علم وهو في الصلاة قال يحوله عن يمينه والروايات غير ناهضة بالدلالة على الوجوب فالقول بالاستحباب متجه عملا باطلاق الأدلة الدالة على جواز المخالفة وإن كان المأموم الواحد امرأة وجب التأخر ان قلنا بتحريم المحاذاة والا استحب كما هو الراجح ويدل على الاستحباب روايات منها ما رواه الشيخ عن أبي العباس قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يؤم المرأة في بيته قال نعم تقوم وراءه وعن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يؤم المرأة قال نعم تكون خلفه وعن المرأة تؤم النساء قال نعم تقوم وسطا منهن ولا تتقدمهن ويستحب للمرأة الواحدة مع التأخر ان تقف عن يمين الامام لما رواه ابن بابويه عن هشام بن سالم (في الصحيح) عن أبي عبد الله (ع) قال الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه وما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصلي المكتوبة بأم علي قال نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك وإن كان مع المأموم الرجل الواحد امرأة وقف الرجل عن يمين الامام والنساء خلفه لما رواه القسم بن الوليد قال سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معهما النساء قال يقوم الرجل إلى جنب الرجل ويتخلفن النساء خلفهن ويستحب ان يقف العراة المؤتمون بالعاري والنساء المؤتمات بامرأة في صفه اي الامام إما النساء فقد مر اخبار متعددة دالة على حكمها عند شرح قول المصنف ويجوز ان تؤم المرأة النساء واما العاري فيدل عليه ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس والمشهور بين الأصحاب تعين الجلوس عليهم وقيل بوجوب القيام مع امن المطلع ويدفعه اطلاق الرواية المذكورة وغيرها كحسنة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال يصلي ايماء وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما ما يكون صلاتهما ايماء برؤسهما الحديث والأكثر على أنه يجب على الجميع الايماء للركوع والسجود وادعى ابن إدريس الاجماع عليه وقال الشيخ في النهاية يؤمي الامام ويركع من خلفه ويسجد ويدل على الأول اطلاق الامر بالايماء في الأخبار الصحيحة وعلى الثاني قول أبي الحسن (ع) في موثقة اسحق به عمار في العراة يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمي ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوهم ويظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى العمل بهذه الرواية حيث قال وهذه حسنة لا يلتفت إلى من يدعى الاجماع على خلافها وهو غير بعيد والجمع بين الاخبار بالقول بالتخير في المأمومين أيضا ممكن ويستحب ان تقف الجماعة خلفه لصحيحة محمد بن مسلم ورواية زرارة السابقتين ويستحب ان يكون في الصف الأول أهل الفضل أعني من له مزية وكمال من علم أو عمل أو عقل وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك ويدل عليه ما رواه الكليني وابن بابويه والشيخ عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال ليكن الذين يلون الامام أولو الأحلام منكم والنهي فان نسى الامام أو تعايا قوموه أفضل الصفوف أولها ما دنى من الامام والأحلام جمع حلم بالكسر وهو العقل ومنه قوله تعالى أم يأمرهم أحلامهم بهذا والنهى بالضم أيضا العقل وتعايا اي لم يهتد بوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق احكامه ومما يدل على فضيلة الصف الأول ما روى الصدوق عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) ان الصلاة في الصف الأول كالجهاد في سبيل الله قيل ولو احتيج إلى أزيد من صف (استحب) اختصاص أهل الفضل بالصف الأول والثاني بمن دونهم وهكذا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من طرق العامة ليليني أولوا الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء قال في الذكرى وليكن يمين الصف لا فاضل الصف الأول (لما روى) ان الرحمة تنتقل من الامام إليهم ثم إلى يسار الصف الأول ثم إلى لثاني والأفضل للأفضل وروى الكليني عن سهل بن زياد باسناده قال قال فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد قال في المنتهى ويستحب ان يكون النسبة إليه من الطرفين على السواء وروى عنه صلى الله عليه وآله من طريق العامة أنه قال وسطوا الامام وسدوا الخلل وفي بعض الروايات ما يدل على خلافه وروى الكليني عن علي بن إبراهيم الهاشمي رفعه قال رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط وكلهم على يمينه وليس على يساره أحد مع أن فضيلة اليمين تقتضي استحباب توسيعها ويستحب إعادة المنفرد صلاته مع الجماعة سواء كان معهم إماما أو مأموما هذا الحكم متفق عليه بين الأصحاب ويدل عليه روايات منها ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) اني أحضر المساجد مع جيراني وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صليت قبل ان اتيهم فربما صلى خلفي من يقتدي بصلوتي والمستضعف والجاهل وأكره ان أتقدم وقد صليت لحال من يصلي بصلوتي ممن سميت لك فأمرني في ذلك بامرك انتهى إليه واعمل به إن شاء الله فكتب صل بهم وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صليت صلاة وأنت في المسجد وأقيمت الصلاة فان شئت فاخرج وان شئت فصل معهم واجعلها تسبيحا وعن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له ان يعيد الصلاة معهم قال نعم فهو أفضل قلت فإن لم يفعل قال ليس به بأس وعن أبي بصير في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصلي ثم ادخل المسجد فيقام الصلاة وقد صليت فقال صل معهم يختار الله أحبها إليه قال الصدوق في الفقيه قال له رجل أصلي في أهلي ثم اخرج إلى المسجد فيقدموني قال تقدم لا عليك وصل بهم واما ما رواه الكليني والشيخ عنه عن حفص البختري باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلي معهم ويجعلها الفريضة فقال الشيخ المغني في هذا الحديث ان من صلى ولم يفرغ بعد من صلاته ووجد جماعة فليجعلها نافلة ثم يصلي في جماعة وليس ذلك لمن فرغ من صلاته بنية الفرض لان من صلى الفرض بنية الفرض فلا يمكن ان يجعلها غير فرض قال والذي يدل على ما ذكرناه ونقل موثقة سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال إن كان إماما عادلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته فإن لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى معه ويجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور عليها انشاء الله وعلى هذا المعنى ذكره الشيخ لم يكن الخبر والا محل البحث واستبعد هذا المعنى بعض المتأخرين وقال الظاهر أن معنى قوله (ع) ويجعلها الفريضة انه يجعلها الصلاة التي صلاها أولا لاغيرها من الصلاة وعندي هذا المعنى محتمل الا ان المعنى الذي ذكره الشيخ أيضا غير بعيد قال الشيخ ويحتمل أيضا ان يكون أراد بقوله ويجعلها فريضة قضاء لما فاته من الفرائض واستدل بما رواه عن ابن أبي عمير في الصحيح عن سلمة صاحب السابري عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) يقام الصلاة وقد صليت فقال صل واجعلها لما فات وقد روى الصدوق في الفقيه عن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) نحوا من رواية حفص قال وقد روى أنه يحسب له أفضلهما وأتمهما واعلم أن المستفاد من كلام المصنف حيث خص الحكم بالمنفرد ان من صلى الفريضة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى لا يستحب له الإعادة ورجحه بعض أفاضل المتأخرين وتردد فيه المصنف في المنتهى وحكم الشهيد في الذكرى باستحباب الإعادة للمنفرد والجامع ولا يبعد هذا القول نظرا إلى عدم الاستفعال في صحيحة محمد بن إسماعيل والأحوط الأول لعدم ما يدل عليه صريحا وتوقف الصلاة على توقيف الشارع وقد روى عنه (ع) لا تصل صلاة في يوم مرتين ولو صلى اثنان فرادى ففي (استحباب) إعادة الصلاة لهما جماعة وجهان أقربهما المنع لعدم عموم الروايات التي هي الأصل في هذا الباب بالنسبة إلى محل البحث وإذا أعاد المنفرد صلاته جماعة وقصد التعرض للوجه في النية نوى الاستحباب لخروجه عن عهدة الصلاة الواجبة الأول فلا يكون الثانية واجبة وجوز الشهيد في الذكرى والدروس ايقاعها على وجه الوجوب استنادا إلى رواية هشام بن سالم وهو ضعيف جدا ويكره وقوف المأموم الرجل وحده مع سعة
(٣٩٥)