حصول الاذن في نظائره وهذا مما يختلف بحسب الأحوال والأزمان وحينئذ لم يبعد انسحاب الحكم في اللباس أيضا ان فرضنا تحقق ذلك فيه إذ لم يثبت شمول المنع من التصرف في مال الغير لهذا الموضع والأصل الإباحة فلو صلى في الثوب المغصوب عالما بالغصبية بطلت صلاته وان جهل الحكم لا خلاف في تحريم الثوب المغصوب حال الصلاة وغيرها انما الكلام في بطلان الصلاة (وغيرها) بذلك عند العلم بالغصبية فأطلق الشيخ ومن تبعه القول بالبطلان ونسبه في المنتهى إلى علماءنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه وصرح بذلك في النهاية فقال فيه لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصبية عند علماءنا أجمع ولا فرق بين ان يكون هو الساتر أو غيره بل لو كان معه خاتم أو درهم أو غيرهما مغصوب وصلى مستصحبا له بطلت صلاته وبعدم الفرق بين الساتر وغيره صرح جماعة حتى قال الشهيد في البيان ولا تجوز الصلاة في الثوب المغصوب ولو خيطا فيبطل الصلاة مع علمه بالغصب وقال المحقق في المعتبر اعلم اني لم اقف على نص من أهل البيت عليهم السلام بابطال الصلاة وانما هو شئ ذهب إلى (إليه) المشايخ الثلاثة منا واتباعهم والأقرب انه إن كان ستر به العورة أو سجد عليه أو قام فوقه كانت الصلاة باطلة وقواه الشهيد في الذكرى وحجة الأول يرجع إلى وجهين الأول ان الحركات الواقعة في الصلاة منهية عنها لأنها تصرف في المغصوب والنهي عن الحركة نهى عن القيام والقعود والركوع والسجود وكل جزء منها جزء للصلاة فيكون النهي متعلقا بجزء الصلاة والنهي في العبادة يستلزم الفساد واعترض الشارح الفاضل وغيره عليه بان الحركات المخصوصة الواقعة في الصلاة انما تعلق النهي فيها بالتصرف في المغصوب من حيث هو تصرف في المغصوب لا عن الحركات من حيث هي حركات الصلاة فالنهي يتعلق بأمر خارج عنها ليس جزءا ولا شرطا فلا يتطرق إليها الفساد بخلاف ما لو كان المغصوب ساترا أو مسجدا أو مكانا لفوات بعض الشروط أو بعض الأجزاء وفيه نظر لان الانسان إذا كان متلبسا بلباس مغصوب في حال الركوع مثلا فلا خفاء في أن الحركة الركوعية حركة واحدة شخصية محرمة لكونها محركة للشئ المغصوب فيكون تصرفا في مال الغير محرما فلا يصح التعبد به مع أنه جزء للصلاة واعتبار الجهتين غير نافع في صحة تعلق الوجوب والحرمة الا مع الاختلاف المتعلق لا مطلقا وبالجملة لا يصح هذا الكلام على رأى أصحابنا القائلين بان الشئ الواحد الشخصي لا يجوز ان يكون متعلقا للوجوب والحرمة معا مطلقا وانما يتم على رأى جماعة من العامة المخالفين في هذه المسألة بناء على أنهم يقولون الايجابي (التكليف) في الحقيقة ليس متعلقا بهذا الفرد الشخصي بل متعلق بطبيعة كلية شاملة لهذا الفرد ولغيره وكذا التكليف التحريمي متعلق بطبيعة الغصب لا بخصوص هذا الفرد والنسبة بين الطبيعتين عموم من وجه فطلب الفعل والترك غير متعلق بأمر واحد في الحقيقة حتى يلزم التكليف بما لا يطاق وانما جمع المكلف بين الطبيعة المطلوبة وجوده و (الطبيعة المطلوبة) عدمه في فرد واحد باختياره ولا غرض للشارع بخصوص هذا الفرد فهو ممتثل للتكليف الايجابي باعتبار بان هذا فرد للطبيعة المطلوبة وامتثال الطبيعة انما يحصل بالاتيان بفرد من افرادها وهو مستحق أيضا للعقاب باعتبار كون هذا الفرد فردا للطبيعة المنهية وهذا مرادهم باجتماع الوجوب والحرمة من جهتين ولا يرد عليهم ان اختلاف الحيثية التقييدية الموجبة للاختلاف الشخصي مخرج للمسألة عن المتنازع واختلاف الحيثية التعليلية غير دافع للمفسدة وهذا القول غير صحيح على أصول أصحابنا لان تعلق التكليف بالطبيعة مسلم لكن لا نزاع عندنا في أن الطبيعة المطلوبة يجب أن تكون حسنة ومصلحة راجحة متأكدة يصح للحكيم ارادتها وقد ثبت ذلك في محله وغير خاف ان الطبيعة لا يتصف بهذه الصفات من حيث التحصل الخارجي باعتبار انحاء وجوداته الشخصية وحينئذ نقول الفرد المحرم لا يخلو إما ان يكون حسنة ومصلحة متأكدة مرادة للشارع أم لا وعلى الأول لا يصح النهي عنه وعلى الثاني لم يكن القدر المشترك بينه وبين باقي الافراد مطلوبا للشارع بل المطلق الطبيعة المقيدة بقيد يختص به ما عدا ذلك الفرد فلا يحصل الامتثال بهذا الفرد لخروجه عن افراد المأمور به وبالجملة إذا قال الشارع صل فكأنه قال أريد منك ان تفعل هذا أو هذا وكل منها مصلحة حسنة راجحة بحسب الحكمة فلا يكون المحرم من تلك الجهة وجملة ما ذكرنا ظاهرة عند التأمل كافية للذكي المتدبر وزيادة التفصيل في هذا المقام لا يليق بهذا الفن فان المسألة من المسائل الأصولية والوجه الثاني من حجة القول الأول ان المكلف مأمور بايانة (باتيانة) المغصوب ورده إلى المالك فإذا افتقر إلى فعل كثير كان مضادا للصلاة والامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده فيفسد واعترض عليه الشارح الفاضل وغيره بمنع كلية (الكبرى) بناء على منع ان الامر بالشئ نهى عن اضداده الخاصة وفيه نظر أشرنا إليه في كتاب الطهارة عند شرح قول المصنف ودخول المساجد ولا يخفى ان الوجه الثاني يختص بسعة الوقت وبصورة المضادة ولا يقتضي بطلان الصلاة في الوقت المضيق وظاهر الأصحاب عموم الحكم وقد صرح به بعضهم واحتج المحقق على البطلان في الصورة التي ذكرها بان جزء الصلاة منهى عنه حينئذ وتبطل الصلاة بفواته إما لو لم يكن كذلك لم يبطل وكان كلبس خاتم من ذهب وارتضاه الشارح الفاضل وفيه نظر لأنا لا نسلم ان ستر العورة جزء للصلاة بل هو شرط لها والنهي عن الشرط لا يقتضي بطلان الشرط والمشروط الا إذا كان الشرط عبادة وذلك فيما نحن فيه ممنوع الا ترى ان إزالة النجاسة شرط للصلاة ولا يقدح في الصلاة إذا كانت بماء مغصوب أو آلة مغصوبة أو كانت بفعل غاصب قهرا وتحقيق المقام ان التلبس بالمغصوب لا يخلو إما أن تكون الحركة التي هي من اجزاء الصلاة بحيث يوجب تلك الحركة حركة في اللباس المغصوب أم لا وعلى الأول يلزم بطلان تلك الحركة ويلزم منه بطلان الصلاة ان لم يكن تدارك تلك الجزء بحيث لا يوجب أمرا مفسدا ووجهه ظاهر مما بيناه وعلى الثاني فلا يخلو إما ان يكون ايصال المغصوب إلى المالك مضادا للصلاة منافيا لها أم لا وعلى الأول يلزم بطلان الصلاة الا إذا ثبت عدم القائل بالفصل وبالجملة ان ثبت عدم القائل بالفصل تعين المصير إلى مقتضاه والا كان الحكم مقدار بالقدر الذي اقتضاه الدليل المذكور وقيد المصنف الحكم المذكور بصورة العلم بالغصبية لان الجاهل بالغصبية غير مكلف بالاجتناب واما جاهل الحكم فالظاهر من اطلاقاتهم تعلق حكم البطلان بالنسبة إليه سواء كان جاهلا بتحريم الغصب أو جاهلا ببطلان الصلاة أو جاهلا بكون الحركات المذكورة غصبا قال المصنف في المنتهى (في) المكان لو كان عالما بالغصبية وجاهلا بالتحريم فإنه لا يكون معذورا ولا يصح صلاته عندنا وكلامه يؤذن بالاجماع واحتمل في النهاية الحاق الثالث بجاهل الغصبية وربما مال بعض المتأخرين إلى الحاق جاهل الحكم بجاهل الغصب في عدم وجوب القضاء والاشكال في هذه المسألة طريق والناسي للحكم كجاهل الحكم ولو نسى الغصبية ففيه أوجه الأول: الإعادة في الوقت والقضاء خارجه ولا اعلم به قائلا الثاني: الإعادة في الوقت دون القضاء وفي كلام ابن إدريس دلالة على أنه قول بعض الأصحاب واختاره المصنف الثالث: عدم الإعادة مطلقا اختاره ابن إدريس وهو أقرب لنا ان النهي غير متعلق به في صورة النسيان فيبقى اطلاق التكليف بالصلاة سالما عن المعارض ووجوب التحفظ بحيث لا يعرض له النسيان غير ثابت واما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان بناء على أن تعذر الحقيقة يقتضي حمل الكلام على أقرب المجازاة وهو رفع جميع الأحكام فضعيف لان المتبادر من مثل هذا الكلام رفع المؤاخذة بمعونة ما اقترن بهما في الخبر كالاكراه وكون الحمل على رفع جميع الأحكام موجب لثبوت الإعادة للناسي في كثير من الصور احتج القائل بوجوب الإعادة دون القضاء بان الناسي مفرط لقدرته على التكرار الموجب للتذكر فإذا أخل كان مفرطا ولأنه لما علم كان حكمه المنع من الأصل (الصلاة) والأصل بقاء ذلك عملا بالاستصحاب واما عدم وجوب القضاء فلان
(٢٢٤)