الأخبار الدالة على أن أفضل الأوقات لصلاة الفجر فتدبر والصحيح ان اعتبار الإضائة والوضوح في الجملة (احتراز عن الفجر الأول فتدبر واخره طلوع الشمس هذا هو المشهور بين الأصحاب واليه ذهب المرتضى والمفيد في الجمل) والاقتصار وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن زهرة وابن إدريس وجمهور المتأخرين منهم وقال ابن أبي عقيل اخره للمختار طلوع الحمرة المشرقية وللمضطر طلوع الشمس واختاره الشيخ في المبسوط وابن زهرة وقال الشيخ في الخلاف وقت المختار إلى أن يسفر الصبح وهو قريب عن مذهب ابن أبي عقيل لان أسفار الصبح إضاءته واشراقه والأقرب الأول لنا ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف في شانه الا موسى بن بكر فإنه واقفي غير مصرح بالتوثيق لكن له كتاب يرويه صفوان وابن أبي عمير وفي هذا دلالة على أن الاعتماد على نقله كما أشرنا إليه مرارا وما رواه عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة إلى قوله ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وقد يعد هذا الخبر من الموثقات وفيه تأمل لان في طريقه علي بن يعقوب الهاشمي وهو غير موثق ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة وفي اسنادها ضعف ويؤيده أيضا صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما ويؤخرهما قال يؤخرهما وجه التأييد ان ظاهر الخبر امتداد الوقت إلى ما بعد الاسفار وظهور الحمرة وكل من قال بذلك قال بامتداده إلى طلوع الشمس ولعل به انضمام هذه الأخبار مع تأيدها بالشهرة كاف في الترجيح وتأويل المعارض و إن كان قوى الأسانيد احتج الشيخ بصحيحة عبد الله بن سنان السابقة وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتحلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت لمن شغل أو نسى أو نام ورواية أبي بصير السابقة عن قريب ويؤيده ما رواه عن يزيد بن خليفة باسناد ضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الفجر حين يبدو حتى يضئ والجواب منع دلالة الروايتين الأولتين على خروج وقت الاختيار بذلك فان لفظ لا ينبغي ظاهر في الكراهة والشغل المسبوغ معه جواز التأخير أعم من الضروري فأقصى ما يدلان عليه خروج وقت الفضيلة بالاسفار واما الثالث فحمله على الفضيلة حمل قريب وهو أولي من اطراح ما ذكرنا من الاخبار مع اعتضادها بالشهرة وكذا الرابع ووقت نافلة الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يزيد الفئ الحاصل للشخص المنصوب بعد الزوال بمقدار قدمين اختلف الأصحاب في اخر وقت نافلة الظهر فالمشهور بينهم على ما ذكره المصنف وعن الشيخ في الجمل والمبسوط والخلاف ووقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يبقى لصيرورة الفئ مثل الشخص بمقدار ما يصلي فيه فريضة الظهر وذهب ابن إدريس بامتداده إلى أن يصير ظل كل شئ مثله وهو مذهب المحقق في المعتبر والمصنف في تذكرة ونقل المحقق في الشرائع قولا بامتداد وقت الفريضة والاخبار في هذا الباب مختلفة فبعضها يدل على القول الأول كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلنا لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تنتفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة وسيجيئ اخبار أخرى في معناه عند شرح قول المصنف وأول الوقت أفضل والمحقق في المعتبر تمسك بهذه الرواية على اعتبار المثل والمثلين فقال بعد نقل الرواية وهذا يدل على بلوغ المثل والمثلين لان التقدير ان الحائط ذراع فحينئذ ما روى من القامة والقامتين جار هذا المجرى ويدل عليه ما روى علي بن يقطين (حنظلة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام القامة ذراع وعنه (ع) قلت كم القامة قال ذراع ان قامة رجل رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا قال فبهذا الاعتبار يعود اختلاف كلام الشيخ لفظيا وفيه نظر لمنع ما ادعاه لضعف سند ما استند إليه من الرواية والروايتان المذكورتان غير دالتين على أن المراد بالقامة الذراع في الخبر الذي تمسكنا به فلا نعدل فيه عن الظاهر على أن قوله عليه السلام في اخر الخبر فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة صريح في اعتبار قامة الانسان ويدل على القول الأخير ظواهر الاخبار المتضمنة لاستحباب هذه النوافل قبل الفريضة وهي كثيرة منها صحيحة محمد بن أحمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام روى عن آباءك عليهم السلام القدم والقدمان والأربع والقامة والقامتان وظل مثلك والذراع والذراعان فكتب عليه السلام لا القدم والقدمان إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة وهي ثمان ركعات فان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل العصر وسيجيئ اخبار أخرى من هذا القبيل عند شرح قول المصنف وأول الوقت أفضل الا ما يستثنى ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل المطلق على المقيد والثاني حمل الرواية الأولى على الأفضلية وما دل على التوسعة على الجواز والأخير أقرب ويدل عليه حسنة محمد بن مسلم الآتية عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها وموثقة سماعة الآتية هناك وبعض الأخبار يدل على اعتبار ثلثي القامة وهو محمول على الفضيلة وبعض الأخبار يدل على جواز النوافل طول النهار وسيجيئ تحقيقه واعلم أن مقتضى كلام الشيخ في المبسوط والجمل استثناء قدر ايقاع الفرضين من المثل والمثلين والاخبار لا يساعد عليه فان خرج الوقت ولم يتلبس بالنافلة قدم الظهر ثم قضاها اي النافلة بعدها اي بعد الظهر وان تلبس بركعة أتمها ثم صلي الظهر وهذا الحكم ذكره الشيخ واتباعه والمستند فيه موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال للرجل ان يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضى قدمان فإن كان قد بقى من الزوال ركعة واحدة أو قبل ان يمضى قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات وان مضى قدمان قبل ان يصلي ركعة بدا بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك وللرجل ان يصلي من نوافل الأولى ما بين الأولى إلى أن يمضى أربعة اقدام فان مضت الأربعة اقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصل النوافل وإن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها ثم يصلي العصر وقال للرجل ان يصلي ان بقى عليه شئ من صلاة الزوال الا ان يمضي بعد حضور الأولى نصف قدم وللرجل إذا كان قد صلى من نوافل الأولى شيئا قبل ان يحضر العصر فله ان يتم نوافل الأولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم وقال القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الأولى في الوقت سواء والحكم الذي ذكروه في العصر مصرح في الخبر واما الظهر فلا لان مفهومي الشرطين المذكورتين في حكمها متعارضان الا ان يثبت عدم القائل بالفصل وحينئذ يتم الحكم فيها أيضا وحينئذ يقال المراد بتقديم الفريضة وفي رواية زرارة المتقدمة تقديمها في صورة عدم التلبس بالنافلة وهو غير بعيد قال في المعتبر وهذه الرواية سندها جماعة من الفطحية لكن يعضدها انه محافظة على سنة لم يتضيق وقت فريضتها وهو حسن ويعضده موافقة مضمونها للاطلاقات المذكورة مع عدم معارض يعتد به لكن في تتمة الخبر تقيد للحكم المذكور قال في الذكرى بعد نقل هذه التتمة ولعله أراد بحضور الأولى والعصر ما تقدم من الذراع والذراعين والمثل والمثلين وشبهه ويكون للمتنفل ان يزاحم الظهر والعصر بما بقى من النوافل ما لم يمض قدر المذكور فيمكن ان يحمل لفظ الشئ على عمومه فيشمل الركعة وما دونها وما فوقها فيكون فيه بعض مخالفة للتقدير بالركعة ويمكن حمله على الركعة فما فوقها ويكون مقيدا لها بالقدم والنصف ويجوز ان يريد بحضور الأولى مضى نفس القدر المذكورين في الخبر وبحضور العصر الاقدام الأربع وتكون المزاحمة المذكورة مشروعة بان لا يزيد على نصف قدم في الظهر بعد القدمين ولا على قدم في العصر بعد الأربع ثم لا يخفي انه ذكر جماعة من الأصحاب انه مع التلبس (بركعة) يتم النافلة محففة وذكروا ان المراد بتخفيفها الاقتصار على أقل ما يجزي فيها كقراءة الحمد وحدها والاقتصار على تسبيحة واحدة في الركوع والسجود حتى قال بعض المتأخرين
(١٩٨)