الخاتمة ومن رواية محمد بن عجلان المذكورة عند التلقين رجحان نزول الولي فالحكم بكراهة نزول ذي الرحم مطلقا محل اشكال وهذا الحكم ثابت عند المصنف في كل رحم الا في المرأة فلا كراهة لنزول ذي الرحم بل يستحب ذلك عند الأصحاب ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله ان المرأة لا يدخل قبرها الامن كان يراها في حيوتها وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها ولو تعذر المحرم للمرأة فامرأة صالحة ثم أجنبي صالح قال المفيد وينزلها القبر اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والاخر يديه تحت حقويها وينبغي ان يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها أو بعض ذوي ارحامها كأبيها أو أخيها ان لم يكن لها زوج ويناسبه ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) قال يسل الرجل سلا ويستقبل المرأة استقبالا ويكون أولي الناس بالمرأة في مؤخرها ويكره اهالة التراب على الرحم ويستوي في ذلك الرجل والمرأة وهذا الحكم ذكره الشيخان ومن تبعهما قال في المعتبر وعليه فتوى الأصحاب ومستنده ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة في الموثق قال مات لبعض أصحاب أبي عبد الله (ع) ولد فحضر أبو عبد الله (ع) فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فاخذ أبو عبد الله (ع) بكفيه وقال لا تطرح عليه التراب ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يطرح الوالد وذو رحم على ميتة التراب فقلنا يا ابن رسول الله أتنهانا عن هذا وحده فقال أنهاكم ان تطرحوا التراب على ذوي ارحامكم فان ذلك تورث القسوة في القلب ومن قسى قلبه بعد من ربه وتجديد القبور بعد اندراسها على وجه الأرض سواء اندرست عظامها أم لا والمستند فيه ما رواه الشيخ عن الأصبغ ابن نباته قال قال أمير المؤمنين (ع) من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام ونقلها الصدوق مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) ثم قال اختلف مشايخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار رحمه الله هو جدد بالجيم لاغير وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يحكى عنه أنه قال لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جمعه بعد مرور الأيام وبعد ماطين في الأول ولكن إذا مات ميت فطين قبرها فجائز ان يرم سائر القبور من غير أن يجدد وذكر عن سعد بن عبد الله انه كان يقول انما هو من حدد القبر بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا وذكر عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي أنه قال انما هو جدث قبرا وتفسير الجدث القبر (فلا ندري) ما عنى به والذي اذهب إليه انه جدد بالجيم ومعناه نبش قبرا لان من نبش قبرا فقد جدده وأحوج إلى تجديده وقد جعله جدثا محفورا وأقول ان التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار والتحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله والذي ذهب إليه البرقي كله داخل في معنى الحديث وان من خالف الإمام عليه السلام في التجديد والتسنيم والنبش واستحل شيئا من ذلك فقد خرج من الاسلام والذي أقوله في قوله (ع) ومن مثل مثالا انه يعني من أبدع بدعة ودعا إليها أو وضع دينا فقد خرج من الاسلام وقولي في ذلك قول أئمتي عليهم السلام (فان) فلو أصبت فمن الله على ألسنتهم وان أخطأت فمن عند نفسي انتهى كلام الصدوق (ره) قال الشيخ في التهذيب بعد نقل كلام البرقي ويمكن ان يكون المعنى بهذه الرواية النهى ان يجعل القبر دفعة أخرى قبرا لانسان اخر لان الجدث هو القبر فيجوز ان يكون الفعل مأخوذا منه وقال وكان شيخنا محمد بن محمد بن النعمان (ره) يقول إن الخبر الخد بالخاء والدالين وذلك مأخوذ من قوله تعالى قتل أصحاب الأخدود والخد هو الشق يقال خددت الأرض خدا اي شققته وعلى هذه الروايات يكون النهى تناول شق القبر إما ليدفن فيه أو على جهة النبش على ما ذهب إليه محمد بن علي وكل ما ذكرناه من الروايات والمعاني محتمل وقال المحقق في المعتبر وهذا الخبر رواه محمد بن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباته عن علي (ع) ومحمد بن سنان ضعيف وكذا أبو الجارود فاذن الرواية ساقطه وقال في الذكرى اشتغال هؤلاء الأفاضل بتحقيق هذا اللفظ مؤذن بصحة الحديث عندهم وإن كان طريقه ضعيفا كما في أحاديث كثيره اشتهرت وعلم موردها وان ضعف اسنادها فلا يرد ما ذكره في المعتبر من ضعف محمد بن سنان وأبي الجارود على أنه قد ورد نحوه من طريق أبي الهماج وقد نقله الشيخ في النهاية وهو من صحاح العامة وهو يعطي صحة الرواية بالحاء المهملة لدلالة الاشراف والتسوية وعليه يعطى ان المثال هذا هو التمثال هناك وقد ورد في النهى عن التصوير وإزالة التصاوير اخبار مشهورة واما الخروج من الاسلام بهذين فاما على طريق المبالغة زجرا عن الاقتحام على ذلك واما لأنه فعل ذلك مخالفة للإمام (ع) انتهى ولا يخفى ان مجرد بحث هؤلاء العلماء عن تحقيق لفظ الخبر لا يدل على قبولهم إياه وتصحيحهم له لجواز ان كل واحد منهم يذكر ما وصل إليه من الطرق الذي ينسب إليه وإن كان في الطريق خلل نعم فيه اشعار ما بذلك لكن مجرد ذلك لا يكفي في صحة الاحتجاج به وعلى تقدير التسليم لما حصل الاشتباه فيما هو الصحيح منه كان اثبات التكليف الايجابي بأحد معانيه لا يصفو عن شوب الاشكال نعم اثبات الكراهية بمثله غير بعيد للمسامحة في أدلتها ولم يذكر المصنف ههنا كراهية تجصيص القبور وهو مشهور بين الأصحاب ونقل المصنف في التذكرة اجماع الأصحاب عليه وذهب الشيخ إلى عدم كراهة التجصيص ابتداء وانما المكروه اعادتها بعد اندراسها واختاره المصنف في المنتهى ويدل على الأول ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الموثق عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح فقال لا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه وفي طريق هذه الرواية علي بن أسباط وكان فطحيا قال الكشي قالوا إنه مات على مذهبه وذكر النجاشي انه رجع وكان أوثق الناس وأصدقهم لهجة فهذا الخبر من الاخبار المعتمدة التي لا سبيل إلى الطعن فيه وروى الشيخ والكليني عن يونس بن يعقوب باسناد فيه ضعف قال لما رجع أبو الحسن موسى (ع) من بغداد ومضى إلى المدينة ماتت ابنة له بفيد فدفنها وامر بعض مواليه ان يجصص قبرها ويكتب على لوح اسمها ويجعله في القبر وما نقلنا من الشيخ طريق جمع بين الروايتين ان صلحت هذه الرواية لمقاومة الخبر الأول وجمع بينهما في الاستبصار بحمل الخبر الأول على الكراهة والثاني على الجواز وهو بعيد لأنه يستلزم أمر الإمام (ع) بالمكروه وربما يجمع بين الروايتين بالقول بالجواز في قبر من يظهر لتعين قبره اثر من زيارة ونحوها كما فعل الكاظم (ع) بابنته فإنها أهل للتعظيم والزيارة فيدخل في ذلك من يشاركها في الوصف من العلماء والصالحين وفيه أيضا تأمل واحتمل بعضهم في طريق الجمع تخصيص النهى بتجصيص نفس القبر دون ما بنى عليه أو تجصيص داخل القبر دون خارجه والكل لا يصفو عن الاشكال على كل تقدير فالظاهر أنه يستثنى من ذلك قبور الأنبياء والأئمة (ع) لاطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير واستفاضة الروايات الدالة على تعاهد قبورهم وتعميرها مع ما فيه من تعظيم الدين وتحصيل المصالح الدينية للمؤمنين وربما يستثنى قبور الصلحاء والعلماء أيضا لما فيه من تعظيم الشرع وأهله وتحصيل الفوائد الدينية واما التطيين فقال الشيخ والمصنف انه يكره بعد الاندراس لافي الابتداء واحتج على الأول بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله لا يزال الميت يسمع الاذان ما لم يطين قبره وعلى الثاني برواية يونس بن يعقوب المذكورة والروايتان ضعيفتان مع أنه روى الشيخ والكليني عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال لا تطينوا القبر من غير طينه وفيه اشعار بنفي البأس في التطيين بطينه واما البناء على القبر فمكروه عند الأصحاب ونقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه وكذا الشيخ في المبسوط وفي الذكرى المشهور كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجدا ويدل عليه رواية علي بن جعفر السابقة وما رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه وعن جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) قال لا تبنوا على القبور ولا تصوروا سقوف البيوت فان رسول الله صلى الله عليه وآله كره ذلك وفي صحاح العامة عن جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يجصص القبر أو يبنى عليه أو يقعد عليه وقال (ع) لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها وروى الصدوق عن سماعة انه سئله (ع) عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها فقال زيارة القبور لا باس بها ولا يبنى عندها مسجدا قال الصدوق وقال النبي صلى الله عليه وآله لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فان الله تعالى لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبياءهم مساجدا قال في الذكرى بعد نقل هذه الأخبار وهذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبرا ولا ريب ان الامامية مطبقة على
(٣٤٣)