وعن معاوية بن عمار في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم اقصر الصلاة فقال في بريد الا ترى في أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير وروى الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم ورجعوا إلى منى تموا الصلاة وان لم يدخلوا منازلهم قصروا وروى الكليني في كتاب الحج عن معاوية بن عمار باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم أتموا وروى الصدوق عن معاوية بن عمار في الصحيح ورواه الشيخ أيضا عنه بأسانيد متعددة صحيحة ورواه الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات قال ويلهم أو ويحهم وأي سفر أشد منه لا يتم وروى الشيخ عن أبي ولاد في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر اصلى في رجوعي بقصر أو بتمام وكيف كان ينبغي ان اصنع فقال إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت ان تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصل إلى منزلك قال وان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضى كل صلاه صليتها في يومك ذلك بالتقصير في تمام من قبل ان تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى يصير إلى منزلك وعن إسحاق بن عمار باسناد فيه جهالة قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم التقصير فقال في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقصروا وفي الضعيف عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر (ع) في كم التقصير فقال في بريد واختلف الأصحاب في وجه الجمع بين هذه الأخبار وبين الروايات السابقة الدالة على التحديد بثمانية فراسخ فحمل الشيخ في أحد وجهيه وجماعة من الأصحاب منهم المصنف هب الاخبار على ما إذا أراد المسافر الرجوع ليومه واحتجوا لهذا الحمل بما رواه ابن بابويه عن زرارة بن أعين في الصحيح قال سألت أبا جعفر (ع) عن التقصير فقال بريد ذاهب وبريد جاء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتى ذبابا قصر وذباب على بريد وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) (كم ظاهرا) أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة قال بريد ذاهبا وبريد جائيا وعن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن التقصير قال في بريد قلت بريد قال إنه إذا ذهب بريد أو رجع بريد اشغل يومه واعترض عليه بوجوه صحيحة منها ان اطلاق الامر بالتقصير في الأربعة فراسخ في هذه الروايات الكثيرة مع كونه مشروطا بشرط لا يفهم من اللفظ ولا يكون غالبا (أكثريا) بعيد جدا بل ربما كان قبيحا فيمتنع صدوره من الحكيم لكونه مخلا لغرض التفهيم والتعليم موجبا لفهم خلاف اطلاق الغرض ومنها ان ما استدل به على هذا الجمع غير واضحة الدلالة عليه إما روايتا زرارة ومعاوية بن وهب فان غاية ما يستفاد منهما ثبوت التقصير إذا كانت المسافة بريدا ذهبا وجائيا وليس فيهما دلالة على اعتبار كون الذهاب والعود في يوم واحد واما رواية ابن مسلم فإنها وإن كانت مشعرة بذلك الا انه غير صريحة فيه بل ربما لاح منها ان التعليل بكونه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا شغل يومه انما وقع على سبيل التقريب إلى الافهام كما يشعر به اطلاق البريد أولا ومنها ان الظاهر من رواية معاوية بن عمار المتضمنة لتوبيخ أهل مكة على الاتمام بعرفات كون الخروج للحج وقد وقع التصريح بذلك في روايتي حسنة الحلبي وإسحاق بن عمار السابقتين والخروج للحج لا يتحقق معه الرجوع ليومه وجمع الشيخ في كتابي الاخبار بين هذه الروايات بوجه آخر وهو تنزيل اخبار الثمانية على الوجوب واخبار الأربعة على الجواز وهو المحكي عن الشارح الفاضل في فتاويه ولو حمل اخبار الأربعة على الأفضلية كما مال إليه الشارح ههنا كان أحسن فان اخبار الأربعة يتضمن رجحان التقصير والتوبيخ على تركه وهذا الجمع أحسن من الجمع السابق وعلى هذا يحمل رواية معاوية ابن عمار المتضمنة لنهي أهل مكة عن الاتمام بعرفات بالحمل على الكراهة والنهى عن الاتمام على وجه اللزوم لكن لا يناسب هذا الجمع الروايات الثلاثة المذكورة في توجيه الجمع الأول ويمكن الجمع بين الاخبار بوجه آخر وهو ان يقال المعتبر في السفر الموجب للتقصير ان يكون المسافة التي أراد المسافر طيها ثمانية فراسخ وإن كان بحسب الذهاب والعود فلو أراد السفر في أربعة فراسخ وأراد الرجوع إلى المحل الذي سافر ومنه وان لم يكن إرادة الذهاب والعود في يوم واحد كان عليه التقصير لصدق المسافة التي هي ثمانية فراسخ ويوافق هذا الجمع الاخبار الثلاثة المذكورة وما دل على توبيخ من يتم بعرفات والامر بالتقصير فيه ويؤيد هذا الوجه ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن هاشم في الحسن به عن رجل عن صفوان قال سألت الرضا (ع) عن رجل خرج من بغداد بريدان يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهي أربعة فراسخ من بغداد يفطر إذا أراد الرجوع ويقصر قال لا يقصر ولا يفطر لأنه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد ان يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به المسير إلى الموضع الذي بلغه ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه ان ينوي من الليل سفر أو الافطار فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له من بعد أن يصبح في السفر قصر ولم يفطر يومه ذلك ويعتبر فيه ان يكون الذهاب والعود فيما دون عشرة أيام بناء على أن المعتبر في المسافة ان لا ينوى إقامة العشرة في أثنائها كما سيجئ وعلى هذا ينطبق هذا الوجه من الجمع على قول ابن أبي عقيل ولعله أرجح الوجوه وبالجملة الاحتياط في القصر في أربعة فراسخ إذا رجع في عشرة أيام واما فيما بعد العشرة فالاحتياط في الاتمام وينبغي التنبيه على أمور الأول اتفق العلماء كافة على أن الفرسخ ثلاثة أميال نقله جماعة من الأصحاب وهو مروى في الاخبار أيضا إما الميل فلم اطلع على تحديده في روايات الأصحاب سوى ما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) انه الف وخمسمائة ذراع وهو متروك بين الأصحاب وفي الكافي روى أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة وفي المعتبر نسبه إلى بعض اخبار أهل البيت (ع) وقد قطع الأصحاب بان قدره أربعة آلاف ذراع وفي القاموس دلالة عليه حيث قال الميل قدر مد البصر ومنار يبنى المسافر أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مئة الف إصبع الا أربعة آلاف إصبع وقال المحقق في الشرايع الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة وعشرون إصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض وفيه اشعار بان له نوع تردد في التفسير الأول وأسنده في المنتهى إلى المشهور واستدل عليه في المعتبر بان المسافة تعتبر بمسير اليوم وهو مناسب لذلك وكذا الوضع اللغوي وهو مد البصر من الأرض وقال ابن إدريس في السرائر الميل أربعة آلاف ذراع بذراع الأسود وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء وقسمة المنازل والذراع أربعة وعشرون إصبعا واسند ذلك إلى المسعودي في كتاب مروج الذهب وبالجملة المذكور في كلام أهل اللغة انه مد البصر من الأرض والتفسير الأخر مشهور بين الفقهاء وقد ذكره بعض أهل اللغة أيضا واما تقدير الذراع بالأصابع فالتعويل فيه على الأغلب وقدرت الأصابع بسبع شعيرات عرضا وقيل بوضع بطن كل واحدة على ظهر الأخرى وقيل متلاصقات بالسطح الأكبر وكان المراد الأول والشعيرة سبع شعرات من شعر البرذون وضبط مد البصر في الأرض بأنها ما يتميز به الفارس من الراجل للمبصر المتوسط في الأرض المستوية حتى يعلم المسافة بالامرين الأذرع ومسير اليوم والمراد باليوم على ما فسره جماعة من الأصحاب يوم الصوم وفيه تأمل ويدل عليه قول الصادق (ع) في صحيحة أبي أيوب أو بياض يوم واعتبر الفاضلان مسير الإبل السير العام وهو حسن لان ذلك هو الغالب فيحمل عليه المطلق ولقول الصادق (ع) في حسنة الكاهلي كان أبي يقول لم يوضع التقصير على البغلة السفو والدابة الناجية وانما وضع على سير القطار يقال بغلة سفوا بالسين المهملة حفيفة والناجية الناقة السريعة بنحو بمن ركبها قاله الجوهري وغيره ونقل في المنتهى عن عبد الرحمن بن الحجاج قلت له في كم أدنى ما يقعر فيه الصلاة فقال جرت السنة ببياض يوم فقلت له ان بياض اليوم يختلف فيسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ويسر الأخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في يوم فقال إما انه ليس إلى ذلك ينظر إما رأيت سير هذه البغال بين مكة والمدينة ثم أومأ بيده أربعة وعشرون ميلا تكون ثمانية فراسخ وفي رواية الفضل بن شاذان السابقة عن الرضا (ع) لان ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة والقوافل والأثقال واعتبر الشهيدان اعتدال الوقت والسير والمكان ويحتمل عدم اعتبار اعتدال الوقت نظرا إلى عموم اطلاق الدليل
(٤٠٦)